نحن نعيش في عصر الشباب!
الرياض - د. صالح الحربي
لا يغيب عن كل ذي بصيرة أن السنوات المقبلة تحمل في طياتها زيادة ملحوظة في أعداد الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر وأربعة وعشرين عاماً، حيث بلغت هذه النسبة في بعض المجتمعات حوالي 84% من التعداد العام للسكان.
ومما لا شك فيه أن الجيل الحالي من الشباب أسعد حظاً من الأجيال التي سبقته خصوصاً فيما يتعلق بتيسير الحصول على المعلومات أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك فمازالت هناك الكثير من المشكلات التي تواجه جيل الشباب مما يتطلب منا جميعاً تكثيف الجهود من أجل الأخذ بيد هذه الفئة المهمة من المجتمع إلى بر الأمان.
قال تعالى: {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى******، وقال في موضع آخر من كتابه العزيز واصفاً المؤمنين: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع******.
وإذا كان حال المؤمنين هكذا، فإننا نجد أن هذا الدين القويم قد حمل رسالته الخالدة الشباب المسلم إلى أركان المعمورة كلها انطلاقاً من هذه المبادئ الإسلامية السامية، فالشباب هم تلك الفروع الباسقة التي تنبت من أصل المجتمع تعطيه القوة وتؤازره وتشد عضده وتدعمه حتى يصبح قوياً.
من أجل ذلك يصبح من البديهي الدعوة إلى إيجاد برامج متخصصة لرعاية الشباب والعناية بشؤونهم كلها ولا سيما من الناحية الصحية والنفسية.
وكما يعلم الجميع فإن هذا القرن من الزمان هو قرن الشباب، وبالتالي لابد أن تكون هناك مرئيات خاصة لرعاية الشباب مما يتطلب منا ضرورة التعرف على السمات الخاصة المميزة لهذه الفئة المتميزة من المجتمع والتي تمثل المرحلة المتوقدة من مراحل النمو البشري، ولا يتحقق ذلك سوى بتفهم مشاكل الشباب والإصغاء إليهم وتلبية متطلباتهم الصحية والاجتماعية والاعتراف بحقهم في تبوؤ مكانة حقيقية في الحياة وتوجيههم إلى خوض غمار التجارب الواقعية الرشيدة التي تكفل لهم نمواً طبيعياً لوظائفهم الحيوية والنفسية والاجتماعية.
وكما هو معروف فإن حقل الرعاية الصحية الأولية من شأنه مساعدة الشباب للمشاركة الميدانية في تحقيق هدف الصحة للجميع الذي سيتم إعلانه في 2020م، حيث إن الشباب هم أقدر عناصر المجتمع على مخاطبة أفراده مخاطبة عملية واقعية، وبث الثقافة الصحية، وبالتالي نساعد الشباب على الاستفادة من فراغهم من ناحية، والعمل على النهوض بالصحة للجميع من ناحية ثانية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ******.
نقول ذلك ونحن نعلم أن رحلة الشباب في الحياة تواجهها كثير من المشكلات الحساسة منها على سبيل المثال لا الحصر المشكلات النفسية والإدمان والبطالة والتعرض إلى الحوادث وسوء التغذية وغيرها، وتمثل المدرسة في هذه المرحلة مركزاً أساسياً للبرامج الموجهة إلى الشباب كالصحة المدرسية والتوعية الصحية. وللمدرسة كذلك شأن كبير في تمكين الشباب من التعرف على المشكلات الصحية للمجتمع والمساهمة في حلها والمشاركة في التوعية الصحية وفي معالجة الأمراض الاجتماعية وغيرها ليصبحوا عاملاً مهماً في تنمية مجتمعهم متمثلين في ذلك بكل معاني قول الله تعالى عز وجل: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون******. وقوله: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها****** ولا سيما الإفساد المادي بتلويث البيئة.
وتتسم مرحلة الشباب أيضاً بتحديات استثنائية منها ما يتعلق بتحول جسم الطفل إلى كيان مكتمل وناضج، ومن الناحية النفسية فإن هذه المرحلة من حياة الإنسان تتميز بقلة الصبر وحب الاستطلاع وبرغبة شديدة في خلع رداء الطفولة والقيام بدور مستقل في محيطه الخاص والعام