سعد طالب في الصف الأول الابتدائي …مجتهد ونشيط .. يحسب للمدرسة ألف حساب ويحبها كما هي تحبه .. سبب ذلك الحب يعود لعدة أسباب ، فوالده وكيل للمدرسة التي يدرس فيها ولا يوجد له صحبة في حيه ولا أقارب في تلك المدينة التي انتقل والده للتدريس فيها منذ زمن .. سعودي هو لكنه بنكهة أخرى إذ تمرس على تحدي الزملاء العرب من أقاليم أخرى في المثابرة والاجتهاد .. ينام عند الساعة التاسعة مساء… ملامح وجهه تلفت انتباه الكثيرين مع أنها ليست جميلة جداً ولكن ملاحتها ودقة تفاصيلها العربية تجعل الآخرين يمعنون النظر له عند أول مقابلة ..
وذات يوم..
يصحو سعد صباحاً بعد غفوة اختلسها عقب صلاة الفجر على وقع همسات أمه الحنون .. يغسل وجهه ويلبس هندامه ويفطر.. ثم يصاحب والده للمدرسة بعد أن أوصلوا أخته الكبيرة التي تدرس في المرحلة المتوسطة لمدرستها..
يتجه نحو الطابور الصباحي .. ثم إلى الفصل ويبدأ يومه الأكاديمي ..
يدخل معلمهم الوحيد .. ضخم الهامة .. عريض الصدر .. متجهم في غالب الأوقات .. مبتسم أحياناً .. لكنه نزيه وشريف .. بصرخة واحدة يجعل التلاميذ كأنما على رؤوسهم الطير.. يمتلك يداً فولاذيه .
بعد أن شرح درساً في الإملاء .. طلب من الطلاب إحضار الدفاتر ليصحح الواجبات أثناء الدرس .. نهض كل واحد منهم ومن ضمنهم سعد ووضعوا دفاترهم على الطاولة وأخذ المعلم يصحح .
بعد دقائق أمر المعلم سعد للمثول أمامه .. فنهض سعد بخفة ونشاط ووقف أمام الطاولة لا تخالف عيناه عينا معلمه وسأله الثاني بعد أن جعل واجهة الدفتر نحو وجهه سعد..
وسأله… خط من هذا ؟؟
نظر سعد وإذا بالصفحة منقسمة إلى قسمين خط متعرج يعرفه كما يعرفه اسمه والقسم الآخر خط جميل مهذب لا يعرفه أبداً .. صمت لوهلة .. كرر المعلم السؤال بغضب .. لم ينبس ببنت شفه..ودون أي مقدمات استقرت يد المعلم على وجه سعد معلنة دوي صفعة محكمة سكت على إثرها الجميع .. واختنقت عبرة سعد فزعاً لقوة الصفعة من تلك اليد الآثمة..
لا يذكر سعد أن أحداً من أسرته عنف عليه يوماً فضلاً عن صفعه.. وتكسرت أمام ذاك الطفل سمات الفرح ليوم بأكمله .. لا يكلم أحداً .
ركب مع والده وعاد للمنزل دون أن يتحرك لسانه .. دخل غرفته وقبل أن تستقبل معدته الطعام قام بقضاء واجباته كلها دون نقص أو خلل … واستمر على ذلك الحال حتى تخرج من الثانوية …
وعلم فيما بعد أن أخته هي من أكملت له حل الواجب شفقة به بعد أن نام على دفتره وهو يكتب واجبه…..
هل يمكن أن نشغل الفكر هنا …
ماذا لو كنت مكان سعد؟
ماذا لو كنت مكان المعلم؟
لماذا……؟
اخترت لكم
قُـم لِـلـمُـعَـلِّمِ وَفِّهِ iiالتَبجيلا
كـادَ الـمُـعَـلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَـلِـمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَـبـنـي وَيُـنشِئُ أَنفُساً iiوَعُقولا
[align=center]
مدونة حافي القدمين(لمن أراد التعقيب من خارج المنتدى)
http://hafe.maktoobblog.com/
[/align]