العودة   منتديات سدير > `·• أفياء أدبية •·´ > ¨° مِحبرةُ كتاباتك °¨

¨° مِحبرةُ كتاباتك °¨ خاص بنتاج الأعضاء من خواطر وقصص ومقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-04-2011, 02:00 AM   #1
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

أحبائي الكرام نفس المشكلة التي حدثت
تعطل المتصفح الأول ونكمل في الثاني’’’
((((حديث النفس-خواطر الشيخ على الطنطاوى-))))
(خاطرة المرض )

المرض
يقولون ان الانسان يأكل ليعيش ,ولكني أعيش في هذه الايام لآكل , آكل بشراه, ونهم حتىأحس بالإمتلاء
ولا يبقى في المعده مكان لذرة , فأدعُ الطعام آسفا وانظر الى الاطباق وما فيها نظرة المودع الحزين , ثم اقوم لكتاب فأفتحه أو الى شباكي لأطل منه , اتلهى بهذا او بذاك حتى أحس أو اتوهم أني احس جوعا ,لأدعوالطعام , أو تمضي ثلاث ساعات فآكل ولو لم اكن جائعا ,, الم يقل لي الطبيب كل كل ثلاث ساعات ؟؟!!

ذالك اني لبثت عشرين يوما أشتهي قطعة الخبز فاطلبها والح في طلبها فتمتنع عني ,واحرمها فأراها في منامي
واحلم بها في يقظتي تجسمها لي الأماني والأفكار فأتخيل أني نلتها , فإذا انا لم انل إلا هذا اللبن ( الحليب)
الذي برمت به واجتويته ,والذي يفضل المريض رؤية عزرائيل على رؤيته يطالعه في الصباح والمساء
والذي كرهت لاجله كل بياض .. حتى بياض الفجر وبياض النحر ..!! والذي اصبح قذى في عيني لا أقوى على رؤيته ,وسما في فيّ لا اقدر على تذوقه .. ثم فرج الله عني بعد الضيق انالني ما اشتهي من الاطعمة وأريد , فكيف لا اهجم عليه بشراهه ونهم , وكيف تبلغ بي الحماقة أن أقوم عن المائدة وفي الأطباق بقية ؟
.................................................. .................................................. .......................
"لا اكاد اشبع من الطعام ولا من القراءة ولا من النظر في هذا الفضاء الفسيح ,وهذه الجنات المتسلسلة تبدو من شباكي , يعانق بعضها بعضا ,حتى يستلق اخرها في احضان قاسيون ...لا اكاد اشبع من شيئ لأني خرجت من هذا المرض كمن ولد ولادة جديدة ,فهو لايعرف الدنيا قط وهو ينظر اليها بعيني طفل ذكي يدهشه كل شيئ ويود لويمتلكه وياكله او تحتويه يداه ..ولأني خرجت منه ضعيفا مكدود


استحممت يوما في البحر ثم خرجت منه متوثباً , متحفزً أكاد أطير مما أحُّس في جسمي من النشاط ...
فسرت على الشاطئ حتى حاذيت الصخر تلك الصخرة القائمة في البحر كأنها الطاق العظيم , او كأنها قوس نصرٍ أقامه الماء الهين اللين الذي انتصر بصبره وثباته في جهازه على هذه الصخرة العاتيه المتكبرة فجعلها فارغة جوفاااء..
ولاتزال في عتووها وكبرها..! سنة الله في المتكبرين لايكونون إلا فارغين , تلك التي يدعونها في بيروت صخرة الانتحار ,
لأن المجانين اعداء انفسهم واوطانهم يلقون بانفسهم منها يثبون الى ... الى جهنم

وكانت الشمس مائلة الى المغيب تمنح البحر أخر هباتها فيبدو براقاً لامعا قد لبس حُلالاً من النور ,فاكبرتُ هذه المخلوقات
الشمس والبحر والصخر ..
ووقفت صاغرا حيال عظمة الطبيعة وجلال الطابع جل جلالة , ثم غلب علي هذا النشاط الذي احس وبلغ دماغي فملأءه إدعاء وكبرا وغرورا ,والمرء في فكره وعواطفة خاضعاً أبدا لحال جسمه ودرجة صحته , فرأيت هذا الصخر الى زوال قد عبث به الماء والماء الى ذهاب قد بخرته الشمس , والشمس الى غياب قد ابتلعها البحر ...

ورأيتني وحدي الذي يبقى انا الذي فتت الصخر , وانا الذي اذل البحر , وانا الذي اتخذ الكون كله معمل تجارب لعقله وسخرة لمنفعته , وانا الذي يحوي في صدرة عالما أكبر من هذا العالم ونورا أبهى من هذه الشمس,
وعواطف اعمق من هذا البحر وأرق من ذها الماء وأشد من هذا الصخر .
وذهبت الى المدرسة وانا أقول انا والعياذ بالله من انا فإنها كلمة إبليس , ذهبت ماشيا فأكلت من فوري اكل من لبث في البحر ساعتين , ومش ساعة كاملة من الروشة الى الحرج , وكانت سكرة النشاط ونشوة انا لاتزال ضاربة في رأسي , فذهبت مع الطلاب امشي واعدو وأثب وأفعل كل ما لايفعل عاقل ,ولم اعد الى المدرسة إلا غارقا في العرق فشربت قازوزتين مثلجتين من القازوز وصارعت واغتسلت بالماء البارد ونمت فأضبحت مريضا ...


يتبع أن شاء الله تعالى



يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2011, 02:02 AM   #2
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

المرض نتابع

يال هذا المغرور الأحمق الذي أصاب ذرة من العلم , وعبث بالكون عبثا الوليد يرفع ويضع فلم يعد يرضيه إلا أن يدعي الأولوهية او ُيأله هذا العلم , يال هذة القوة الكاذبه وهذه السطوة الفارغة , هذا القوي الجبار الذي فتت الصخر وأذل البحر, يذله مخلوق من أصغر مخلوقات الله لاتراه لهوانه العين , يعيش الملايين منه في قطرة ماء
مخلوق واحد من اضعف المخلوقات يلقي الإنسان محطوما!!., ويطير هذه الأفكار كلها من رأسه حت يعود ذليلا خانعا , فكيف ويحك لو أصابك الله بعذاب من عنده ؟ياللأحمق المغرور ...!

أصبحت فإذا انا قد نسيت أفكار الأمس ونسيت االأمس كله, وأحسست بالبعد عن الدنيا التي ألفها واحبها,
ولقد انقطعنا مرة في قلب جزيرة العرب وتُهنا في رمالها الموحشة سبعة عشر يوما نسير وراء حدود العالم مع الوحش والآكام والشمس والعطش والموت فمااحسستُ بأني بعيد عن الدنيا ولابلغ ذالك بي كله مابلغ بي هذا المرض القصير..!
لقد اصبحت بلا ماض ولامستقبل ولا حاضر إلا هذا الحاضر الضيق الأليم الذي يستقر في بطني حيث الزائدة الملتهبة , وفي خاصرتي حيث الرمل في الكلية , اصطلحتْ علي العلل واجتمعت المتناقضات , فالإلتهاب لا يطفئه إلا كيس الثلج ونوبة الرمل لا يصلحها إلا الماء الحار فإن داويت هذا زدت تلك
وإن عالجيت تلك إنتقضت هذه !
أنساني المرض كل شيء ,حتى ما أذكر أني كنت يوما من الأيام امشي وآكل وأشرب وأقراء واكتب و أمارس انواعا من الرياضة , ولا اذكر اني كنت استطيع التفكير في آلاف المسائل وأعلج المئات من الأمور ,وماتت في الدنيا في عيني وأصبح الألم دنياي كلها ,فانا أطلق الفكر من عنانه فلا يخرج عنه ولا يجول إلا فيه ,يتخيل ابشع انواع المرض وأفظع ألوان الخطر ,ثم ينطلق الفكر الى العملية التي اكد الاطباء انه لا بد منها , فلا يكاد يشرع في تصورها حتى يوسوس لي الشيطان ان ماحق ابيك في ان يقضي عليك فيجيء بك ؟
أليست حياتك متعلقة بك وحدك؟ فهل استشارك فيها؟ , أوهو قد ضحى بك وبحريتك وسعادتك في سبيل لذته؟ ,او هو لم يفكر فيك ابدا ولم تخطر له على بال ؟
فأرى الشيطان يريد ان يزيدني على مرض جسمي مرض ديني فألعن الشيطان وما جاء به
وإن مما يجيء به الشيطان لما يسمونه فنا وابتكارا وتجديدا , ولكنه يبقى ابدا فنا شيطاني

أدع هذا و أعود بفكر ي إلى سرير العمليات الذي حملني إليه المدير مرة ووكل بي الممرضات , وأقام علي طالبين يحرسانني وذهب إلى الطبيب يحضره , فوثبت احمل أوجاعي وأناضل دون حريتي حتى بلغت الشارع حافيا ..!!
وركبت إلى الكلية أول سيارة رأيتها ونجاني الله من العملية والأطباء
والاطباء ( والرجاء عدم المؤاخذة ) قوم قوم برئوا من العاطفة وانبتّوا من الشفقة , يشقون بطون الناس نسأل الله السلامة ويخرجون أمعاءهم فيضعونها في طبق ويكسرون جماجم البشر ويعبثون في أدمغتهم , ويفعلون مالو فعله غيرهم للحقه الشرط واصطف له القضاة وفُتحت له أبواب السجن واعدت له المشانق ! ثم يتصدرون المجالس يفتخرون بأنهم أصدقاء الإنسانية ..أ فأعطيهم بطني ليشقوه ويردوني مريضا بعد إذ أنا معافى وأتعجل الداء بنفسي ؟ أعوذ بالله ان اكون من الجاهلين !!

.. لكن يفزعني شيء وانا مريض مثلما يفزعني الليل بسواده وامتداده , كنت اخافه اشد الخوف ,واحسب لمجيئه أدق الثواني ,وارقبه كما يرقب المحكوم ساعة القتل ,ذالك اني لم اكن استطيع النوم ولا اطيق الجلوس
وإنما استطيع امرا واحدا هو الاضطجاع على قفاي أحدق في السقف ليلا ونهارا , ولطالما رأيت في السقف بقعة سوداء فخيل إلي بطول التحديق فيها انها حية تريد ان تنقض علي او رتيلاء كبيرة ذات تسعة وتسعين رجلا
وعشرة رؤوس او مجموعة من العقارب او عفريت من الجن اوجني من العفاريت ,فأصيح فزعا وانطلق اهذي هذيان محموم حرارته اربعون

إني لأاضحك الأن واكركر من الضحك حين يعيدون علي ماكانوا يسمعون مني إذ اهذي وارى فيه صورة واضحة لكثير مما أقرأ في الصحف والمجلات ينشره اصحابه على انه ادب ويقراؤه الناس على انه ثرثرة وهذيان محموم

وكان احب شيء إلي وانا مريض أن يكثر الناس من حولي , ثم يتحثوا شتى الاحاديث لأخلص من وحدتي
واتسلى عن ألمي وأذكر جانبا مما في الحياة ولكني كنت اسمع اصواتهم كأنها خارجة من جوف بئر سحيق
أو اعماق مغارة بعيدة وأراهم من خلال ضباب كثيف فلا أتبين صورهم ولا أصواتهم وسرعان ما أمل منهم وأطلب جديدا ..
كانت ايامي متشابهة متشاكلة وكنت احب ان اجد كل لحظة شيئا جديدا .

ضعفت قواي وضاعت إرادتي ولم يبقى لي طاقة على المشي ولاقدرة على المحاكمة العقلية , ولم يبقى فيّ حيا إلا لساني ,اكل ذالك لأن جرثومة صغيرة دخلت جسمي يال ضعف هذا الإنسان القوي

تألمت في هذا المرض لكني تعلمت , تعلمت في الحياة درسا جديدا وماالحياة إلا دروس
هو ان المرض نعمة وليس بنقمة , وانه لازم للإنسان لايدركقيمة الصحة ولايعرف معنى الحياة ولا يرجع إلى نفسه إلا إذا مرض
هنالك يدرك معاني هذه الاشياء التي يمر بها وهو صحيح مرا سريعا لأنه مشغول عنها بما لانهاية له من الصغائر والترهات

يتبع ان شاء الله


يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-04-2011, 12:54 PM   #3
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-


المرض نتابع ..


وإن للمريض قبل لذة الصحة لذتين , لذة هذا العطف الذي يحاط به والحب الذي يغمره , ولن انسى أبدا عطف مدير الكلية وناظرها علي, وحب الطلاب إياي وإني لأسيغُ ذكرى الألم إذا تصورت هذين الطالبين الذين كانا يقيمان الليل كله بجانبي , إذا قلت آآآه أو انقلبت من جنب الى جنب كانا واقفين امامي آثراني على أهليهما
وفضلا راحتي على راحتهما .,أما عطف إخوتي واهلي فلست أذكره ..


ولذة اخرى هي اللذة الكبرى التي يجدها ساعة يلجأ إلى الله ويدعوه مخلصا مضطرا , وكنت إذا وصف مريض به مثل مابي يدار بي من الرثاء له والخوف مما هو فيه , فلما غدوت مريضا لم أجزع ولم أخف ..

وكانت تمر بي لحظات اضيق فيها بهذا القيد الى السرير وهذا الألم , ويبلغ بي الضيق في الليل أقصاه , ولكنها كانت تمر بي لحظات كنت أرضى فيها كل الرضى وأفيئ فيها إلى ربي , وأرى ما انا فيه امتحانا لصبري ونعمة من الله تزيد في أجري , فأطمئن ويبلغ بي الأمر إلى اكثر من الإطمئنان , إلى نوع من اللذة الخالصة لا أشعر بمثلها في الصحة , وإلى لون من النشاط القلبي لا اعرفه قط انا معافى , واحسب ان لو اصبت بأشد الأمراض وأقواها
وانا أقدر على هذا الرضى وأحس هذا الاطمئنان , لما وجدت فيه إلا لذة .. !!



هذا ماكنت اجده لا ابالغ ولا اتخيل ,فارجوا ان يصدقني القراء , وهذه نعمة من نعم الله الخفية على الإنسان , ومظهرا من مظاهر القوة و الهائلة التي اعطاه..
فلا يحكم الإنسان على المريض أو البائس بظاهره فيشك في عدل الله ورحمته , ولكن ليدخل إلى الداخل لعل وراء الجدار الخرب قصرا عامرا , ولعل خلف الباب الضخم كوخا خربا ,ولعل في هذه الثياب الرثة وهذ الجسم الممزق البالي نفسا مشرقة سعيدة وإنسانا كاملا ..



عرفت من المرض ان المساواة التامة هي سنة الله في الحياة
أنظروا المرض هل يعرف غنيا أو مريضا ؟ هل يمتنع منه الملك الجبار رب القصر والحراس ؟ وهل تمنع ابوابه وجنده هذا المخلوق التافه الصغير من الدخول ؟!
سد الأبواب واغلق النوافذ وأقم الجند بالسلاح وعش في صندوق مغلق .. إنه يدخل مع الهواء الذي نستنشقه والماء الذي نشربه والطعام الذي نأكله , ويحتل جسمك ويعيش في عينك وفمك ويسبح في دمك !!
ترفع عن المساكين وتكبر على الفقراء يرجعك المرض إلى صفوف المساكين والفقراء , فتألم كما يألمون وتصيح مثلما يصيحون . وكل مافي الحياة يسوي بينك وبينهم .
هل تنشق أيها الغني من الهواء هواء معطرا وينشقة الفقير بغير عطر , امان الهواء وهوقوام الحياة لك وله ؟
قد سوي فيه بينك وبينه ؟
هل تشرب ماء العيون معسولة مذابا فيها السكر ويأخذها الفقير ملحا أجاجا ؟ إن الهواء والماء والشمس والقمر والصحة والمرض والولادة والموت ..كل أولئك سطور خط فيها الله على صفحة الحياة ان الناس متساوون
هل سمعتم ان ابن الملك يولد إذ يولد مرتديا الحرير , يمشي على رجليه إلى سريره ويلقي بنفسه خطبة ميلاده ويشرف من شباكه على شعبه , وابن السواقي يولد اخرس عاريا ؟
أفتحوا القبر المجصص الفخم ارفعوا ما فوقة من نصيب وتماثيل وكتابات ونقوش , هل تجدون فيه عظاما تضوع بالمسك وتفوح بالند لانها كانت تلبس الحرير وترتدي الديباج ؟


هذا تعلمته من المرض !1
وبعد فلقد أطلت الكلام وآن أوان الطعام , ولابد من قطع هذا الحديث ! وانا احمد الله على الصحة والمرض واحمده على كل حاااال .


يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-04-2011, 01:38 AM   #4
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

بعد الخمسين

نظرت في التقويم, فوجدت أني استكمل اليوم اثنتين و خمسين سنة قمرية, فوقفت ساعة أنظر فيها في يومي و أمسي.....
وقفت كما يقف التاجر في آخر السنة ليجرد دفاتره و يحرر حسابه و ينظر ماذا ربح و ماذا خسر......
طلبت المناصب ثم نظرت فإذا المناصب تكليف لا تشريف و إذا هي مشقة و تعب لا لذة و طرب....
و طلبت المال و حرصت على الغنى ثم نظرت فوجدت في الناس أغنياء و هم أشقياء و فقراء و هم سعداء.
فلم اعد أطلب من المال إلا ما يقوم به العيش و يقي الوجه ذل الحاجة.
و طلبت متعة الجسد. و صرمت ليالي الشباب أفكر فيها. و أضعت أيامه في البحث عن مكانها و كنت في سكرة الفتوة الأولى, لا أكاد أفكر إلا فيها, و لا أحن إلا إليها, اقرأ من القصص ما يتحدث عنها و من الشعر ما يشير إليها. ثم كبر سني و زاد عملي, فذهبت السكرة و صحت الفكرة, فرأيت أن صاحب الشهوة الذي يسلك إليها كل سبيل, كالعطشان الذي يشرب من ماء البحر, و كلما ازداد شربا كلما ازداد عطشا, و وجدت أن من لا يرويه الحلال يقنع به و يصبر عليه, لا يرويه الحرام و لو وصل به إلى نساء الأرض جميعا.
ثم و لّى الشباب بأحلامه و أوهامه و فترت الرغبة و مات الطلب, فاسترحت و أرحت.
و قعدت أرى الناس. أسأل: علام يركضون و إلام يسعون و ما ثَمَّ إلا السراب
هل تعرفون السراب إن الذي يسلك الصحراء يراه من بعيد كأنه عين من الماء الزلال تحدق صافية في عين الشمس, فإذا كد الركاب و حث الصحاب ليبلغه لم يلق إلا التراب.
هذه هي ملذات الحياة. إنها لا تلذ إلا من بعيد.
و الإنسان مفطور على الطمع, تراه أبدا كتلميذ المدرسة كلما بلغ فصلا كان همه أن يصعد إلى الذي فوقه و لكن التلميذ يسعى إلى غاية معروفة إذا بلغها وقف عندها, و المرء في الدنيا يسعى إلى شيء لا يبلغه أبدا لأنه لا يسعى إليه ليقف عنده و يقنع به بل ليجاوزه راكضا يريد غاية هي صورة في ذهنه مالها في الأرض من وجود.
و قد يُعطَى المال الوفير و الجاه الواسع و الصحة و الأهل و الولد ثم تجده يشكو فراغا في النفس و هما خفيا في القلب لا يعرف له سببا يحس أن شيئا ينقصه و لا يدري ما هو, فما الذي ينقصه فهو يبتغي استكماله
لقد أجاب على ذلك رجل واحد, رجل بلغ في هذه الدنيا أعلى مرتبة يطمح إليها رجل: مرتبة الحاكم المطلق في ربع الأرض فيما بين فرنسا و الصين, و كان له مع هذا السلطان الصحة و العلم و الشرف, هو عمر بن عبد العزيز الذي قال:
"إن لي نفسا توّاقة, ما أُعطيتْ شيئا إلا تاقت إلى ما هو اكبر, تمنت الإمارة فلما أعطيتها تاقت إلى الخلافة فلما بلغتها تاقت إلى الجنة"
هذا ما تطلبه كل نفس, إنها تطلب العودة إلى موطنها الأول, و هذا ما تحس الرغبة الخفية أبدا فيه, و الحنين إليه و الفراغ الموحش إذا لم تجده.
فهل اقتربْتُ من هذه الغاية بعد ما سرت إليها على طريق العمر, اثنتين و خمسين سنة
يا أسفي لقد مضى أكثر العمر و ما ادخرت من الصالحات, و لقد دنا السفر و ما تزودت و لا استعددت, و لقد قرب الحصاد و ما حرثت و لا زرعت, و سمعت المواعظ و العبر فما اتعظت و لا اعتبرت و آن أوان التوبة فأجّلت و سوّفت.
اللهم اغفر لي ما أسررت و ما أعلنت فما يغفر الذنوب إلا أنت.
اللهم سترتني فيما مضى فاسترني فيما بقي و لا تفضحني يوم الحساب.
و رحم الله قارئا قال : آمين.


يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-04-2011, 02:33 PM   #5
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

من كتاب
صور وخواطر



أعرابي في حمام


صحبنا في رحلتنا إلى الحجاز، دليل شيخ من أعراب نجد يقال له صلَبى ما رأيت أعرابياً مثله قوةَ جَنَان، وفصاحة لسان، وشدة بيان ولولا مكان النبرة البدوية لحسبته قد انصرف الساعة من سوق عكاظ، لبيان لهجته، وقوة عارضته، وكثرة ما يدور على لسانه من فصيح الكلام. وكان أبيّ النفس، أشمّ المعطس، كريم الطباع، لكن فيه لوثة وجفاء من جفاء الأعراب، رافقنا أيام طويلة، فما شئنا خلة من خلال الخير إلا وجدناها فيه، فكان يواسينا إذا أصبنا، ويؤثرنا إذا أَضَقنا، ويدفع عنا إذا هوجمنا، ويفديّنا إذا تألمنا، على شجاعة نادرة، ونكتة حاضرة، وخفة روح، وسرعة جواب، قلنا له مرة:
- إن (صْلَبة) في عرب اليوم، كباهلة في عرب الأمس، قبيلة لئيمة يأنف الكرام من الانتساب إليها، وأنت فيما علمنا سيّد كريم من سادة كرام، وليس لك في هذه القبيلة نسب؟ فما لك تدعى صلبى. فضحك وقال:
- صدقتم والله، ما أنا من صلبة، ولا صلبة مني، وإني لكريم العم والخال ولكنّ هذا الاسم نكتة أنا مخبركم بها.
قلنا: هات. قال:
- كان أبواي لا يعيش لهما ولد، فلما ولدت خشيا عليّ فسمياني صْلَبى. قلنا: ائن سمياك صْلَبى عشت؟ قال:
إن عزرائيل أكرم من أن يقبض روح صْلَبى.
وسألناه مرة: هل أنت متزوج يا صْلَبى؟ قال:
- لقد كنت متزوجاً بشرّ امرأة تزوجها رجل، فما زلت أحسن إليها وتسيء إليّ، حتى ضقت باحتمالها ذرعاً فطلقتها ثلاثاً وثلاثين.
قلنا: إنها تبين منك بثلاث، فعلام الثلاثون؟
فقال على الفور: صدقة مني على الأزواج المساكين!
وطال بنا الطريق إلى تبوك، وملّ القوم، فجعلوا يسألونه عن تبوك، ويكثرون عليه، يتذمرون من بعدها، حتى إذا كثروا قال لهم:
ما لكم تلومونني على بعدها؟ والله لم أكن أنا الذي وضعها هناك. ولم يكن صْلَبي يعرف المدن، ولم يفارق الصحراء قط إلا إلى حاضرته تبوك (وتبوك لا تزيد عن خمسين بيتاً...) فلما بلغنا مشارف الشام أغريناه بالإبلاد ودخول المدينة، وجعلنا نصف إليه الشام، ونشوّقه فيأبى، وكنت صفّيه من القوم وخليله ونجيّه فجعلت أحاوره وأداوره، وبذلت في ذلك الجهد فلم أصنع معه شيئاً لما استقر في نفسه من كراهية المدن وإساءة الظن بأهلها، وكان عربياً حراً، ومسلماً موحداً، لا يطيق أن يعيش يوماً تحت حكم (الروم) أو يرى مرة مظاهر الشرك...
فودعناه وتركناه...
* * *
وعدت إلى دمشق، فانغمست في الحياة، وغصت في حمايتها أكدّ للعيش، وأسعى للكسب، فنسيت صلَبى وصُحبته، وكدت أنسى الصحراء وأيامها، ومرّت على ذلك شهور... وكان أمس فإذا بي ألمح في باب الجابية وسط الزحمة الهائلة، وجهاً أعرفه فلحقت به أتبيّنه فإذا هو وجه صْلَبى، فصحت به:
- صْلَبى! قال: - لا صْلَبى ولا مْلَبى.
قلت: ولم ويحك؟ قال: أنا في طلبك منذ ثلاث ثم لا تأتي إليّ ولا تلقاني؟
فقلت له ضاحكاً: - وأي ثلاث وأي أربع؟ أتحسبها تبوك فيها أربعمائة نسمة؟ إنها دمشق يا صْلَبي، فيها أربعمائة ألف إنسان، فأين تلقاني بين أربعمائة ألف؟
قال: - صدقت والله.
قلت: هلم معي. فاستخرجته من هذه الزحمة الهائلة، وملت به إلى قهوة خالية، فجلسنا بها ودعوت له بالقهوة المرة والشاهي، فسرّ، وانطلق يحدثني قال:
- لمّا فارقتكم ورجعت وحيداً، أسير بجملي في هذه البادية الواسعة، جعلت نفسي تحدثني أن لو أجبت القوم ورأيت المدينة... فلما كان رمضان مرّ بنا بعض الحضريين فدعوني إلى صحبتهم لأرشدهم الطريق، ثم أغروني كما أغريتموني، وحاوروني كما حاورتموني حتى غلبوني على أمري ودخلوا بي دمشق، فما راعني والله يا ابن أخي إلا سيارة كبيرة كسيارتكم هذه، لكنها أهول وأضخم، لها نوافذ وفيها غرف، وقد خطوا لها خطين من حديد فهي تمشي عليهما، فأدخلوني إليها، فخشيت والله وأبيت، فأقسموا لي وطمأنوني، فدخلت ويدي على خنجري إن رأيت من أحد شيئا أكره وجأته به، وعيني على النافذة إن رابني من السيارة أمر قفزت إلى الطريق، وجلست، فما راعنا إلا رجل بثياب عجيبة قد انشق إزاره شقاً منكراً، ثم التف على فخذيه فبدا كأنما هو بسراويل من غير إزار، وعمد إلى ردائه فصف في صدره مرايا صغيره من النحاس، ما رأيت أعجب منها، فعلمت أنه مجنون وخفت أن يؤذينا، فوضعت كفي على قبضة الخنجر، فابتسم صاحبي وقال: هو الجابي. قلت: جابي ماذا، جبّ الله (...)!
قال: اسكت، إنه جابي (الترام) أعني هذه السيارة.
ثم مدّ يده بقرشين اثنين، أعطاه بها فتاتة ورق، فما رأيت والله صفقة أخسر منها، وعجبت من بلاهة هذا الرجل إذ يشتري بقرشين ورقتين لا تنفعان وجلست لا أنبس، فلم تكن إلا هنَيّة حتى جاء رجل كالأول له هيئة قِزْدية ألا أنه أجمل ثياباً، وأحسن بزّة، فأخذ هذه الأوراق فمزقها، فثارت ثائرتي، قلت: هذا والله الذل، فقّبح الله من يقيم على الذل والخسيفة، وقمت إليه فلبّبته وقلت له:
- يا اين الصانعة، أتعمد إلى شيء اشتريناه بأموالنا، ودفعنا به قروشنا فتمزقه، لأمزّقن عمرك.
وحسبت صاحبي سيدركه من الغصب لكرامته، والدفاع عن حقه مثل ما أدركني فإذا هو يضحك، ويضحك الناس ويعجبون من فعلي، لأن عمل هذا الرجل -فيما زعموا- تمزيق أوراق الناس التي اشتروها بأموالهم...
ولما نزلنا من هذه الآفة، قال لي صاحبي: هلّم إلى الحمام. فقلت: وما الحمام يا ابن أخي؟
قال: تغتسل وتلقي عنك وعثاء السفر.
قلت: إن كان هذا هو الحمام، فما لي فيه من مأرب، حسبي هذا النهر أغطس فيه فأغتسل وأتنظف.
قال: هيهات... إن الحمام لا يعدله شيء، أو ما سمعت أن الحمام نعيم الدنيا؟
قلت: لا والله ما سمعت. قال: إذن فاسمع ورَهْ.
وأخذني فأدخلني داراً قوراء في وسطها بركة عليها نوافير يتدفق منها الماء، فيذهب صعداً كأنه عمود من البلور ثم يتثنى ويتكسر ويهبط كأنه الألماس، له بريق يخطف الأبصار، صنعة ما حسبت أن يكون مثلها إلا في الجنان، وعلى أطراف الدار دكك كثيرة، مفروشة بالأسرة والمتكآت والزرابيّ كأنها خباء الأمير، فلم نكد نتوسطها حتى وقثب إلينا أهلوها وثبة رجل واحد، يصيحون علينا صياحاً غريباً، فأدركت أنها مكيدة مدبرة، وأنهم يريدون اغتيالي، فانتضيت خنجري وقلت: والله لا يدنو مني أحد إلا قطعت رقبته، فأحجموا وعجبوا ورعبوا، وغضب صاحبي وظنني أمزح، ومال عليّ يعاتبني عتاباً شديداً. فقلت له: ويحك أو ما تراهم قد أحاطوا بنا؟ قال:
إنهم يرحبون بنا ويسلمون علينا. فسكت ودخلت. وعادوا إلى حركتهم يضحكون من هذا المزاح، ويدورون حولنا بقباقيبهم العالية، ويجيئون ويذهبون، وأنا لا أدري ما هم صانعون حتى قادونا إلى دكة من هذه الدكك، وجاءوا ينزعون ثيابنا فتحققت أنها المكيدة، وأنهم سيسلبونني خنجري حتى يهون عليهم قتلي، فقد عجزوا أن يقاتلوني وبيدي الخنجر، فأبيت وهممت بالخروج ولكن صاحبي ألحّ عليّ وأقسم لي، فأجبت واستسلمت وإن روحي لتزهق حزناً على إني ذللت هذا الذل حتى أسلمتهم سَلَبي يسلبونني وأنا حي. ولو كنت في البادية لأريتهم كيف يكون القتال... حتى إذا تمّ أمر الله ولم يبق عليّ شيء، قلت: أما من مسلم؟ أما من عربي؟ أتكشف العورات في هذا البلد فلا يغار أحد، ولا يغضب إنسان؟
فهدّأ صاحبي من ثورتي وقال: أفتغتسل وأنت متزر؟ قلت: فكيف أتكشف بعد هذه الشيبة وتذهب عني في العرب فتكون فضيحتي إلى الأبد؟
قال: من أنبأك أنك ستتكشف؟ هلا انتظرت!
فانتظرت وسكت فإذا غلام من أغلمة الحمام، يأخذ بيده إزاراً فيحجبني به حتى أنزع أزراري وأتزرّ به، فحمدت الله على النجاة، وكان صاحبي قد تعرى فأخذ بيدي وأدخلني إلى باطن الحمام، فإذا غرف وسطها غرف، وساحات تفضي إلى ساحات، ومداخل ومخارج ملتفّة متلوية، يضّل فيها الخرّيت وهي مظلمة كأنها قبر قد انعقدت فوقها قباب وعقود، فيها قوارير من زجاج تضيء كأنها النجوم اللوامع، في السماء الداجية، وفي باطن الحمام أناس عري جالسون إلى قدور من الصخر فيها ماء، فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم، وقلت هذه والله دار الشياطين وجعلت ألتمس آية الكرسي فلا أذكر منها شيئاً، فأيقنت أنها ستركبني الشياطين لما نسيت من آية الكرسي، وجعلت أبكي على شيبتي أن يختم لها هذه الخاتمة السيئة، وإني لكذلك، وإذا بالخبيث يعود إليّ يريد أن ينزع هذا الإزار الذي كسانيه، فصحت به: يا رجل، اتق الله، سلبتني ثيابي وسلاحي، وعدت تجردني وتعريني، الرحمة يا مسلمون، الشفقة أيها الناس! فوثب إليّ الناس، وأحدقوا بي، وجعلوا يضحكون، فقال صاحبي:
- ما هذا يا صْلَبى، لا تضحك الناس علينا، أعطه الإزار. قلت: وأبقى عرياناً؟ قال: لا، ستأخذ غيره، هذا كساء يفسد إذا مسه الماء، وإن للماء كساء آخر.
ونظرت فإذا عليه هيئة الناصح، وإذا هو يدفع إليّ إزاراً آخر، فاستبدلته به مكرهاً وتبعت صاحبي إلى مقصورة من هذه المقاصير، فجلسنا علا قدر من هذه القدور... وأنا أستجير بالله لا أدري ماذا يجري عليّ، فبينما أنا كذلك وإذا برجل عار، كأنه قفص عظام، له لحية كثة، وشكل مخيف وقد تأبط ليفاً غليظاً يا شرّ ما تأبط، وحمل ماعوناً كبيراً، يفور فوراناً، فاسترجعت وعلمت أنه السمّ وأنه سيتناثر منه لحمي، فقصد إليّ، فجعلت أفرّ منه وأتوثب من جانب إلى جانب وهو يلحقني ويعجب من فعلي، ويظن أني أداعبه، وصاحبي يضحك ويقسم لي أنه الصابون، وأنه لا ينظف شيء مثله.
قلت: ألا شيء من سدر! ألا قليل من أشنان؟
قال: والله ما أغشك، فجرب هذا إنه خير منه.
فاستجبت واستكنت، وأقبل الرجل يدلكني دلكاً شديداً وأنا أنظر هل تساقط لحمي، هل تناثر جلدي، فلا أجد إلا خيراً فأزمعت شكره لولا أني وجدته يتغفلني فيمد يده تحت الإزار إلى فخذي، فيدلكه ويقرصه، فقلت هذا ماجن خبيث، ولو ترك من شره أحد لتركني، ولصرفته عني شيبتي، وهممت بهشم أنفه وهتم أسنانه، ولحظ ذلك صاحبي فهمس في أذني أنه ينظفك وكذلك يصنع مع الناس كلهم، فلما انتهى وصب عليّ الماء، شعرت والله كأنما نشطت من عقال، وأحسست الزهو والخفة، فصحت فأنكرت صوتي فقلت: ما هذا، أينطق لساني مغنٍ من الجن؟ وأعدت الصيحة فازددت لصوتي إنكاراً. واستخفني الطرب، فجعلت أغني وأحدو، فقال صاحبي: لعلك استطبت صوتك؟
قلت: أي والله. قال: أفأدلك على باب القاضي؟
قلت: وما أصنع في باب القاضي؟ قال: ألا تعرف قصة جحا؟
قلت: لا والله، ما أعرف جحا ولا قصته.
قال: كان جحا عالماً نحريراً، وأستاذاً كبيراً، لكن كان فيه فضائل نادرة، وكان خفيف الروح، فدخل الحمام مرة فغنى فأعجبه صوته -وكان أقبح رجل صوتاً- وراقه حسنه، فخرج من فوره إلى القاضي، فسأله أن ينصبه مؤذناً وزعم أن له صوتاً لا يدخل أذناً إلاّ حمل صاحبها حملاً فوضعه في المسجد... فقال القاضي: اصعد المنارة فأذن نسمع.
فلما صعد فأذّن، لم يبق في المسجد رجل إلا فر هارباً. فقال له القاضي: أي صوت هذا، هذا الصوت الذي ذكره ربنا في الكتاب:
قال: أصلح الله القاضي، ما يمنعك أن تبني لي فوق المئذنة حماماً؟!..
* * *
ولمح الأعرابي صديقاً له من أعراب نجد، قد مرّ من أمام القهوة، فقطع عليّ الحديث وخرج مهرولاً يلحق به
يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2011, 03:05 PM   #6
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

نصائح الشيخ الطنطاوي رحمه الله ... لتفوق دراسي مبهر

يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في كتابه مع الناس ،
في مقالة عنونها بقوله : إلى الطلاب .


زرت من أيام صديقاً لي قبيل المغرب فجاء ولده يسلم علي وهو مصفر اللون باديَ الضّعف ,
فقلت خيراً إن شاء الله ؟
قال أبوه :مابه من شيء ولكنه كان نائماً
قلت: وماله ينام غير وقت المنام ؟
قال :ليسهر في الليل,إنه يبقى ساهراً كل ليلة إلى الساعة الثانية.
قلت : ولم ؟ قال :يستعد للامتحان .


قلت أعوذ بالله !
هذا أقصر طرق الوصول إلى السقوط في الامتحان .
لقد دخلت خلال دراستي امتحانات لا أحصي عددها فما سقطت في واحد منها
بل كنت فيها كلها من المجلين السابقين
وما سهرت من أجلها ساعة بل كنت أنام أيام الامتحان أكثر مما أنام في غيرها .


فعجب الولد وقال :تنام أكثر؟
قلت نعم , وهل إلا هذا .
أفرأيت رياضياً , ملاكماً أو مصارعاً يهد جسده ليالي المباراة بالسهر ,
أم تراه ينام ويأكل ويستريح ليدخل المباراة قوياً نشيطاً ؟



قال:والوقت؟
قلت : إن الوقت متسع ,
وإن ساعة واحدة تقرأ فيها وأنت مستريح
تنفعك أكثر من أربع ساعات تقرأ وأنت تعبان نعسان تظن أنك حفظت الدرس وأنت لم تحفظه.



قال:إن كانت هذه النصيحة الأولى فما الثانية ؟

قلت أن تعرف نفسك أولاً , ثم تعرف كيف تقرأ ؟؟
فإن من الطلاب من هو بصري؛
يكاد يذكر في الامتحان صفحة الكتاب و مكان المسألة منها ,
ومنهم من هو سمعي
يذكر رنة صوت الأستاذ .



فإن كنت من أهل البصر فادرس وحدك ,
وإن كنت من أهل السمع فادرس مع رفيق لك مثلك واجعله يقرأ عليك .


قال : وكيف أعرف نفسي؟


قلت : أنا أكتب عشر كلمات لا رابطة فيها (مثل : كتاب مئذنة , سبعة عشر, هارون الرشيد ... )
وأقرؤها عليك مرة واحدة ثم تكتب أنت ما حفظته منها.
وأكتب مثلها وأطلعك عليها لحظة وتكتب ما حفظته منها .
فإن حفظت بالسمع أكثر فأنت سمعي وإلا فأنت بصري.


قال والنصيحة الثالثة؟


قلت أن تجعل للدراسة برنامجاً تراعي فيه تنوع الدروس .
وأحسن طريقة وجدتها للقراءة أن تمر أولاً على الكتاب كله مراً سريعاً على أن يكون القلم في يدك ,
فما هو مهم خططت تحته خطاً والشرح الذي لا ضرورة له تضرب عليه بخط خفيف
والفقرة الجامعة تشير إليها بسهم .


ثم يأتي دور المراجعة,
فتأخذ الكتاب معك فتمشي في طريق خال وتستعرض في ذهنك مسائل الكتاب واحدة تلو الأخرى
تتصور أنك في الامتحان وأن السؤال قد وجه إليك فإذا وجدته حاضراً في ذهنك تركته ,
وإلا فتحت الكتاب فنظرت فيه نظراً تقرأ فيه الفقرات والجمل التي قد أشرت إليها فقط فتذكر ما نسيته ,
وإذا وجدت أنك لا تذكر من المسألة شيئاً أعدت قراءة الفصل كله .


والرابعة: ألا تخاف والخوف من الامتحان لا يكون من الغباء ولا التقصير ولا الجبن,
ولكن الخوف من شيء واحد وهو منشؤه وسببه ,
ذلك أن بعض الطلاب ينظرون إلى الكتاب الكبير والوقت القصير الباقي ويريدون أن يحفظوه كله في ساعة
فلا يستطيعون فيدخل الخوف عليهم من أن يجيء الامتحان وهم لم يكملوا حفظه .


ومثلهم مثل الذي يريد أن يمشي على رجليه من المزة إلى المطار ليدرك الطيارة وما معه إلا ساعتان ,
فإن قال لنفسه كيف أصل ؟ أو ركض كالمجانين فتعب حتى وقع , ولم يصل أبداً.


وإن قسم الوقت و الخطا وقال لنفسه : إن علي أن أمشي في الدقيقة مئة خطوة فقط ,
سار مطمئناً ووصل سالماً .


والخامسة:أن بعض الطلاب يقف أمام قاعة الامتحان يعرض في ذهنه مسائل الكتاب كلها ,
فإذا لم يذكرها اعتقد أنه غير حافظ درسه واضطرب وجزع .



كم تعرف من أسماء إخوانك وأحبائك؟ هل تستطيع أن تسردها كلها سرداً في لحظة واحدة ؟
لا , ولكن إذا مر الرجل أمامك أو وصف لك ذكرت اسمه .
فغيابها عن ذهنك ليس معناه أنها فقدت من ذاكرتك.


والسادسة : أنك كلما قرأت درساً استرحت بعده أو انصرفت إلى شيء بعيد عنه
ليستقر في ذهنك .
وإن إعادة القراءة للدرس بعد الفراغ منه مرات , كمن يأخذ صورة بالفوتوغراف
ثم يأخذها مرة ثانية من غير أن يبدل اللوحة أو يدير الفلم فتطمس الصورتان .


والسابعة: أن عليك أن تستريح ليلة الامتحان وتدع القراءة ،
تزور أهلك أو تتلهى بشيء يصرفك عن التفكير في الامتحان .
وأن تنام تلك الليلة تسع ساعات أو عشراً إذا استطعت ,
و لا تخش أن تذهب المعلومات من رأسك
فإن الذاكرة أمرها عجيب , إن ما ينقش فيها في الصبا لا ينسى .
وأنا أنسى والله اليوم ما تعشيت أمس ولكني أذكر ما كان قبل أربعين أو خمس وأربعين سنة كأني أراه الآن .


وأنت تبصر في التلفاز فلماً كنت شاهدته منذ عشر سنين فتذكره ولو سألتك عنه قبل أن تدخل لما عرفته .


والثامنة : أن تعلم أن الامتحان ميزان يصح حيناً وقد يخطئ حيناً وأن المصحح بشر ,
يكون مستريحاً يقرأ بإمعان وقد يتعب فلا يدقق النظر وأنه ينشط ويمل ويصيب ويخطئ ,
وقد جربوا مصححاً مرة أعطوه أوراقاً فوضع لها العلامات والدرجات ,
ثم محوا علاماته وجاؤوه بها مرة ثانية فإذا هو يبدل أحكامه عليها وتختلف درجاته في المرتين أكثر من عشرين في المئة .


وطلبوا من مصحح مرة أن يكتب هو الجواب الذي يستحق العلامة التامة فكتبوه بخط آخر وبدلوا فيه قليلاً وعرضوه عليه فأعطاه علامة دون الوسط .


والمصحح ليس في يده ميزان الذهب , وقد يتردد بين الستين والسبعين
وقد يكون في هذه العلامات العشر سقوط الطالب أونجاحه . فما العمل؟


عليك أن توضح خطك ,
فإن سوء الخط وخفاءه ربما كان السبب في نقمة المدرس وغضبه ،
فأساء حكمه على الورقة فأسقطها . وأن تكثر من العناوين , وأن تقّطع الفقرات وتميزها ,


وأن تجتنب الفضول والاستطراد . وقد يستطرد التلميذ فيذكر أمراً لم يطلب منه ,
يريد أن يكشف به عن علمه , فيقع بخطيئة تكشف جهله فتكون سبب سقوطه .
هذا الذي عليك , وهذا هو الواجب في الامتحان وغيره .


على المرء أن يسعى ويعمل ولكن ليس النجاح دائماً منوطاً بالسعي والعمل .
يمرض اثنان , فيستشيران الطبيب الواحد ويتخذان العلاج الواحد ويكونان في المشفى الواحد
في الغرفة الواحدة وتكون معاملتهما واحدة فيموت هذا ويبرأ هذا .
فلم ؟من الله .


ويفتح اثنان متجرين ويأتيان بالبضاعة الواحدة ويتخذان طريقة للبيع واحدة ,
فيقع هذا على صفقة تجعله من كبار الأغنياء ويبقى ذلك في موضعه ,
فلم ؟ من الله .


وأنا لا أقول لأحد أن يترك السعي . السعي مطلوب ,
وعلى التلميذ أن يقرأ الكتاب كله حتى الحاشية التي لا يهتم غيره بها ,
إذ ربما كان السؤال منها , وبعد ذلك يتوجه إلى الله فيطلب منه النجاح .


وهذه خاتمة النصائح ولكنها أهمها .
أيها الطالب , إذا أكملت استعدادك وعملت كل ما تقدر عليه فتوجه إلى الله وقل له :
يا رب , أنا عملت ما أستطيعه , وهناك أشياء لا أستطيعها أنت وحدك تقدر عليها ,
فاكتب لي بقدرتك النجاح , ولا تجعل ورقتي تقع في يد مصحح مشدد لا يتساهل , أو مهمل لا يدقق,
أو ساخط أو تعبان لا يحكم بالحق .


وانظر قبل ذلك في نفسك , فإن كانت على معصية أو تقصير فقومها ودع التقصير ,

وليست هذه الوصفة من عندي ولكنها وصفة وكيع شيخ الشافعي :


شَكَوْتُ إلَى وكيعٍ سُوءَ حفظِي
..............................فأرشدَنِي إلى تركِ المَعَاصِي



وقَال بأنّ هذَا العِلم نـُور
...............................ونور الله لا يـُهْدَى لعَاصِي


يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-04-2011, 08:04 PM   #7
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

أعرابي في حمام

صحبنا في رحلتنا إلى الحجاز، دليل شيخ من أعراب نجد يقال له صلَبى ما رأيت أعرابياً مثله قوةَ جَنَان، وفصاحة لسان، وشدة بيان ولولا مكان النبرة البدوية لحسبته قد انصرف الساعة من سوق عكاظ، لبيان لهجته، وقوة عارضته، وكثرة ما يدور على لسانه من فصيح الكلام. وكان أبيّ النفس، أشمّ المعطس، كريم الطباع، لكن فيه لوثة وجفاء من جفاء الأعراب، رافقنا أيام طويلة، فما شئنا خلة من خلال الخير إلا وجدناها فيه، فكان يواسينا إذا أصبنا، ويؤثرنا إذا أَضَقنا، ويدفع عنا إذا هوجمنا، ويفديّنا إذا تألمنا، على شجاعة نادرة، ونكتة حاضرة، وخفة روح، وسرعة جواب، قلنا له مرة:
- إن (صْلَبة) في عرب اليوم، كباهلة في عرب الأمس، قبيلة لئيمة يأنف الكرام من الانتساب إليها، وأنت فيما علمنا سيّد كريم من سادة كرام، وليس لك في هذه القبيلة نسب؟ فما لك تدعى صلبى. فضحك وقال:
- صدقتم والله، ما أنا من صلبة، ولا صلبة مني، وإني لكريم العم والخال ولكنّ هذا الاسم نكتة أنا مخبركم بها.
قلنا: هات. قال:
- كان أبواي لا يعيش لهما ولد، فلما ولدت خشيا عليّ فسمياني صْلَبى. قلنا: ائن سمياك صْلَبى عشت؟ قال:
إن عزرائيل أكرم من أن يقبض روح صْلَبى.
وسألناه مرة: هل أنت متزوج يا صْلَبى؟ قال:
- لقد كنت متزوجاً بشرّ امرأة تزوجها رجل، فما زلت أحسن إليها وتسيء إليّ، حتى ضقت باحتمالها ذرعاً فطلقتها ثلاثاً وثلاثين.
قلنا: إنها تبين منك بثلاث، فعلام الثلاثون؟
فقال على الفور: صدقة مني على الأزواج المساكين!
وطال بنا الطريق إلى تبوك، وملّ القوم، فجعلوا يسألونه عن تبوك، ويكثرون عليه، يتذمرون من بعدها، حتى إذا كثروا قال لهم:
ما لكم تلومونني على بعدها؟ والله لم أكن أنا الذي وضعها هناك. ولم يكن صْلَبي يعرف المدن، ولم يفارق الصحراء قط إلا إلى حاضرته تبوك (وتبوك لا تزيد عن خمسين بيتاً...) فلما بلغنا مشارف الشام أغريناه بالإبلاد ودخول المدينة، وجعلنا نصف إليه الشام، ونشوّقه فيأبى، وكنت صفّيه من القوم وخليله ونجيّه فجعلت أحاوره وأداوره، وبذلت في ذلك الجهد فلم أصنع معه شيئاً لما استقر في نفسه من كراهية المدن وإساءة الظن بأهلها، وكان عربياً حراً، ومسلماً موحداً، لا يطيق أن يعيش يوماً تحت حكم (الروم) أو يرى مرة مظاهر الشرك...
فودعناه وتركناه...
* * *
وعدت إلى دمشق، فانغمست في الحياة، وغصت في حمايتها أكدّ للعيش، وأسعى للكسب، فنسيت صلَبى وصُحبته، وكدت أنسى الصحراء وأيامها، ومرّت على ذلك شهور... وكان أمس فإذا بي ألمح في باب الجابية وسط الزحمة الهائلة، وجهاً أعرفه فلحقت به أتبيّنه فإذا هو وجه صْلَبى، فصحت به:
- صْلَبى! قال: - لا صْلَبى ولا مْلَبى.
قلت: ولم ويحك؟ قال: أنا في طلبك منذ ثلاث ثم لا تأتي إليّ ولا تلقاني؟
فقلت له ضاحكاً: - وأي ثلاث وأي أربع؟ أتحسبها تبوك فيها أربعمائة نسمة؟ إنها دمشق يا صْلَبي، فيها أربعمائة ألف إنسان، فأين تلقاني بين أربعمائة ألف؟
قال: - صدقت والله.
قلت: هلم معي. فاستخرجته من هذه الزحمة الهائلة، وملت به إلى قهوة خالية، فجلسنا بها ودعوت له بالقهوة المرة والشاهي، فسرّ، وانطلق يحدثني قال:
- لمّا فارقتكم ورجعت وحيداً، أسير بجملي في هذه البادية الواسعة، جعلت نفسي تحدثني أن لو أجبت القوم ورأيت المدينة... فلما كان رمضان مرّ بنا بعض الحضريين فدعوني إلى صحبتهم لأرشدهم الطريق، ثم أغروني كما أغريتموني، وحاوروني كما حاورتموني حتى غلبوني على أمري ودخلوا بي دمشق، فما راعني والله يا ابن أخي إلا سيارة كبيرة كسيارتكم هذه، لكنها أهول وأضخم، لها نوافذ وفيها غرف، وقد خطوا لها خطين من حديد فهي تمشي عليهما، فأدخلوني إليها، فخشيت والله وأبيت، فأقسموا لي وطمأنوني، فدخلت ويدي على خنجري إن رأيت من أحد شيئا أكره وجأته به، وعيني على النافذة إن رابني من السيارة أمر قفزت إلى الطريق، وجلست، فما راعنا إلا رجل بثياب عجيبة قد انشق إزاره شقاً منكراً، ثم التف على فخذيه فبدا كأنما هو بسراويل من غير إزار، وعمد إلى ردائه فصف في صدره مرايا صغيره من النحاس، ما رأيت أعجب منها، فعلمت أنه مجنون وخفت أن يؤذينا، فوضعت كفي على قبضة الخنجر، فابتسم صاحبي وقال: هو الجابي. قلت: جابي ماذا، جبّ الله (...)!
قال: اسكت، إنه جابي (الترام) أعني هذه السيارة.
ثم مدّ يده بقرشين اثنين، أعطاه بها فتاتة ورق، فما رأيت والله صفقة أخسر منها، وعجبت من بلاهة هذا الرجل إذ يشتري بقرشين ورقتين لا تنفعان وجلست لا أنبس، فلم تكن إلا هنَيّة حتى جاء رجل كالأول له هيئة قِزْدية ألا أنه أجمل ثياباً، وأحسن بزّة، فأخذ هذه الأوراق فمزقها، فثارت ثائرتي، قلت: هذا والله الذل، فقّبح الله من يقيم على الذل والخسيفة، وقمت إليه فلبّبته وقلت له:
- يا اين الصانعة، أتعمد إلى شيء اشتريناه بأموالنا، ودفعنا به قروشنا فتمزقه، لأمزّقن عمرك.
وحسبت صاحبي سيدركه من الغصب لكرامته، والدفاع عن حقه مثل ما أدركني فإذا هو يضحك، ويضحك الناس ويعجبون من فعلي، لأن عمل هذا الرجل -فيما زعموا- تمزيق أوراق الناس التي اشتروها بأموالهم...
ولما نزلنا من هذه الآفة، قال لي صاحبي: هلّم إلى الحمام. فقلت: وما الحمام يا ابن أخي؟
قال: تغتسل وتلقي عنك وعثاء السفر.
قلت: إن كان هذا هو الحمام، فما لي فيه من مأرب، حسبي هذا النهر أغطس فيه فأغتسل وأتنظف.
قال: هيهات... إن الحمام لا يعدله شيء، أو ما سمعت أن الحمام نعيم الدنيا؟
قلت: لا والله ما سمعت. قال: إذن فاسمع ورَهْ.
وأخذني فأدخلني داراً قوراء في وسطها بركة عليها نوافير يتدفق منها الماء، فيذهب صعداً كأنه عمود من البلور ثم يتثنى ويتكسر ويهبط كأنه الألماس، له بريق يخطف الأبصار، صنعة ما حسبت أن يكون مثلها إلا في الجنان، وعلى أطراف الدار دكك كثيرة، مفروشة بالأسرة والمتكآت والزرابيّ كأنها خباء الأمير، فلم نكد نتوسطها حتى وقثب إلينا أهلوها وثبة رجل واحد، يصيحون علينا صياحاً غريباً، فأدركت أنها مكيدة مدبرة، وأنهم يريدون اغتيالي، فانتضيت خنجري وقلت: والله لا يدنو مني أحد إلا قطعت رقبته، فأحجموا وعجبوا ورعبوا، وغضب صاحبي وظنني أمزح، ومال عليّ يعاتبني عتاباً شديداً. فقلت له: ويحك أو ما تراهم قد أحاطوا بنا؟ قال:
إنهم يرحبون بنا ويسلمون علينا. فسكت ودخلت. وعادوا إلى حركتهم يضحكون من هذا المزاح، ويدورون حولنا بقباقيبهم العالية، ويجيئون ويذهبون، وأنا لا أدري ما هم صانعون حتى قادونا إلى دكة من هذه الدكك، وجاءوا ينزعون ثيابنا فتحققت أنها المكيدة، وأنهم سيسلبونني خنجري حتى يهون عليهم قتلي، فقد عجزوا أن يقاتلوني وبيدي الخنجر، فأبيت وهممت بالخروج ولكن صاحبي ألحّ عليّ وأقسم لي، فأجبت واستسلمت وإن روحي لتزهق حزناً على إني ذللت هذا الذل حتى أسلمتهم سَلَبي يسلبونني وأنا حي. ولو كنت في البادية لأريتهم كيف يكون القتال... حتى إذا تمّ أمر الله ولم يبق عليّ شيء، قلت: أما من مسلم؟ أما من عربي؟ أتكشف العورات في هذا البلد فلا يغار أحد، ولا يغضب إنسان؟
فهدّأ صاحبي من ثورتي وقال: أفتغتسل وأنت متزر؟ قلت: فكيف أتكشف بعد هذه الشيبة وتذهب عني في العرب فتكون فضيحتي إلى الأبد؟
قال: من أنبأك أنك ستتكشف؟ هلا انتظرت!
فانتظرت وسكت فإذا غلام من أغلمة الحمام، يأخذ بيده إزاراً فيحجبني به حتى أنزع أزراري وأتزرّ به، فحمدت الله على النجاة، وكان صاحبي قد تعرى فأخذ بيدي وأدخلني إلى باطن الحمام، فإذا غرف وسطها غرف، وساحات تفضي إلى ساحات، ومداخل ومخارج ملتفّة متلوية، يضّل فيها الخرّيت وهي مظلمة كأنها قبر قد انعقدت فوقها قباب وعقود، فيها قوارير من زجاج تضيء كأنها النجوم اللوامع، في السماء الداجية، وفي باطن الحمام أناس عري جالسون إلى قدور من الصخر فيها ماء، فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم، وقلت هذه والله دار الشياطين وجعلت ألتمس آية الكرسي فلا أذكر منها شيئاً، فأيقنت أنها ستركبني الشياطين لما نسيت من آية الكرسي، وجعلت أبكي على شيبتي أن يختم لها هذه الخاتمة السيئة، وإني لكذلك، وإذا بالخبيث يعود إليّ يريد أن ينزع هذا الإزار الذي كسانيه، فصحت به: يا رجل، اتق الله، سلبتني ثيابي وسلاحي، وعدت تجردني وتعريني، الرحمة يا مسلمون، الشفقة أيها الناس! فوثب إليّ الناس، وأحدقوا بي، وجعلوا يضحكون، فقال صاحبي:
- ما هذا يا صْلَبى، لا تضحك الناس علينا، أعطه الإزار. قلت: وأبقى عرياناً؟ قال: لا، ستأخذ غيره، هذا كساء يفسد إذا مسه الماء، وإن للماء كساء آخر.
ونظرت فإذا عليه هيئة الناصح، وإذا هو يدفع إليّ إزاراً آخر، فاستبدلته به مكرهاً وتبعت صاحبي إلى مقصورة من هذه المقاصير، فجلسنا علا قدر من هذه القدور... وأنا أستجير بالله لا أدري ماذا يجري عليّ، فبينما أنا كذلك وإذا برجل عار، كأنه قفص عظام، له لحية كثة، وشكل مخيف وقد تأبط ليفاً غليظاً يا شرّ ما تأبط، وحمل ماعوناً كبيراً، يفور فوراناً، فاسترجعت وعلمت أنه السمّ وأنه سيتناثر منه لحمي، فقصد إليّ، فجعلت أفرّ منه وأتوثب من جانب إلى جانب وهو يلحقني ويعجب من فعلي، ويظن أني أداعبه، وصاحبي يضحك ويقسم لي أنه الصابون، وأنه لا ينظف شيء مثله.
قلت: ألا شيء من سدر! ألا قليل من أشنان؟
قال: والله ما أغشك، فجرب هذا إنه خير منه.
فاستجبت واستكنت، وأقبل الرجل يدلكني دلكاً شديداً وأنا أنظر هل تساقط لحمي، هل تناثر جلدي، فلا أجد إلا خيراً فأزمعت شكره لولا أني وجدته يتغفلني فيمد يده تحت الإزار إلى فخذي، فيدلكه ويقرصه، فقلت هذا ماجن خبيث، ولو ترك من شره أحد لتركني، ولصرفته عني شيبتي، وهممت بهشم أنفه وهتم أسنانه، ولحظ ذلك صاحبي فهمس في أذني أنه ينظفك وكذلك يصنع مع الناس كلهم، فلما انتهى وصب عليّ الماء، شعرت والله كأنما نشطت من عقال، وأحسست الزهو والخفة، فصحت فأنكرت صوتي فقلت: ما هذا، أينطق لساني مغنٍ من الجن؟ وأعدت الصيحة فازددت لصوتي إنكاراً. واستخفني الطرب، فجعلت أغني وأحدو، فقال صاحبي: لعلك استطبت صوتك؟
قلت: أي والله. قال: أفأدلك على باب القاضي؟
قلت: وما أصنع في باب القاضي؟ قال: ألا تعرف قصة جحا؟
قلت: لا والله، ما أعرف جحا ولا قصته.
قال: كان جحا عالماً نحريراً، وأستاذاً كبيراً، لكن كان فيه فضائل نادرة، وكان خفيف الروح، فدخل الحمام مرة فغنى فأعجبه صوته -وكان أقبح رجل صوتاً- وراقه حسنه، فخرج من فوره إلى القاضي، فسأله أن ينصبه مؤذناً وزعم أن له صوتاً لا يدخل أذناً إلاّ حمل صاحبها حملاً فوضعه في المسجد... فقال القاضي: اصعد المنارة فأذن نسمع.
فلما صعد فأذّن، لم يبق في المسجد رجل إلا فر هارباً. فقال له القاضي: أي صوت هذا، هذا الصوت الذي ذكره ربنا في الكتاب:
قال: أصلح الله القاضي، ما يمنعك أن تبني لي فوق المئذنة حماماً؟!..
* * *
ولمح الأعرابي صديقاً له من أعراب نجد، قد مرّ من أمام القهوة، فقطع عليّ الحديث وخرج مهرولاً يلحق به.
يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-04-2011, 11:08 PM   #8
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

طبقات الأصدقاء

الخلاصة أن الأصحاب خمسة: فصاحب كالهواء لا يُستغنى عنه ، وصديق كالغذاء لا عيش إلا به ، ولكن ربما ساء طعمه ، أو صعب هضمه ، وصاحب كالدواء مرِّ كريه ، ولكن لا بد منه أحياناً ، وصاحب كالصهباء تلذ شاربها ، ولكنها تودي بصحته وشرفه ، وصاحب كالبلاء.

أما الذي كالهواء فهو الذي يفيدك في دينك ، وينفعك في دنياك ، وتلذك عشرته ، وتمتعك صحبته ، وأما الذي هو كالغذاء فهو الذي يفيدك في الدنيا والدين ، لكنه يزعجك أحياناً بغلظته وثقل دمه وجفاء طبعه ، وأما الذي هو كالدواء فهو الذي تضطرك الحاجة إليه ، وينالك النفع منه ، ولا يرضيك دينه ولا تسليك عشرته ، وأما الذي هو كالصهباء ، فهو الذي يبلّغك لذّتك ويُنيلك رغبتك ولكن يفسد خلقك ، ويهلك آخرتك ، وأما الذي هو كالبلاء فهو الذي لا ينفعك في دنيا ولا دين ، ولا يمتّعك بِعشرة ولا حديث ، ولكن لا بد لك من صحبته.

وعليك أن تجعل الدين مقياساً ، ورضا الله ميزاناً ، فمَن كان يفيدك في دينك فاستمسك به ، إلا أن يكون ممن لا تقدر على عشرته ، ومَنِْ كان يضرك فاطرحه واهجره ، إلا أن تكون مضطراً إلى صحبته ، فتكون هذه الصحبة ضرورة ، والضرورات تبيح المحظورات ، بشرط ألَّا تجاوز في هذه الصحبة حدَّ الضرورة.

وأما الذي لا يضرك في دينك ، ولا ينفعك في دنياك ، ولكنه ظريف ممتع ، اقتصرت منه على الاستمتاع بظرفه على ألاّ تمنعك هذه الصحبة من الواجب ، ولا تمشي بك إلى عبث أو إثم.
يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-04-2011, 11:11 PM   #9
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-




من الذكريات

ذكر أن شابا فيه تقى وفيه غفلة.. طلب العلم عند أحد المشايخ حتى إذا أصاب منه حظا قال الشيخ: لا تكونوا عالة على الناس فإن العالم الذي يمد يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير فليذهب كل واحد منكم وليشتغل بالصنعة التي كان أبوه يشتغل بها.. وليتقِ الله فيها
وذهب الشاب إلى أمه فقال لها: ما هي الصنعة التي كان أبي يشتغل بها..؟؟ فاضطربت المرأة فقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله فما بالك وللصنعة التي يشتغل بها..؟؟ فألحّ عليها وهي تتملص منه.. حتى اضطرها إلى الكلام أخبرته وهي كارهة أن أباه كان لصا..!! فقال لها: إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كل بصنعة أبيه ويتقي الله فيها.. قالت الأم: ويحكِ.. وهل في السرقة تقوى..؟؟ وكان في الولد غفلة وحمق فقال لها: هكذا قال الشيخ
وذهب فسأل.. وتسقط الأخبار حتى عرف كيف يسرق اللصوص فأعدّ عدّة السرقة.. وصلى العشاء وانتظر حتى نام الناس وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ.. فبدأ بدار جاره وهمّ أن يدخلها ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى وليس من التقوى إيذاء الجار.. فتخطى هذه الدار ومرّ بأخرى.. فقال لنفسه: هذه دار أيتام والله حذّر من أكل مال اليتيم.. وما زال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني وليس فيه حرس ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيده عن حاجته.. فقال: ههنا.. وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدها.. ففتح ودخل فوجد دارا واسعة وغرفا كثيرة.. فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال.. وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئا كثيرا.. فهمّ بأخذه ثم قال: لا يؤدّ زكاة أمواله لنخرج الزكاة أولا.. وأخذ الدفاتر وأشعل فانوسا صغيرا جاء به معه.. وراح يراجع الدفاتر ويحسب.. وكان ماهرا في الحساب خبيرا بإمساك الدفاتر.. فأحصى الأموال وحسب زكاتها فنحّى مقدار الزكاة جانبا واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات فنظر فإذا هو الفجر فقال: تقوى الله تقضي بالصلاة أولا
وخرج إلى صحن الدار فتوضأ من البركة وأقام الصلاة.. فسمع رب البيت فنظر.. فرأى عجبا: فانوسا مضيئا..!! ورأى صندوق أمواله مفتوحا ورجلا يقيم الصلاة فقالت له امرأته: ما هذا..؟؟ والله لا أدري.. ونزل إليه فقال: ويلك من أنت..؟؟ وما هذا..؟؟ قال اللص: الصلاة أولا ثم الكلام.. فتوضأ تقدم فصل بنا فإن الإمامة لصاحب الدار.. فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح ففعل ما أمره.. والله أعلم كيف صلى
فلما قضيت الصلاة قال له: خبّرني من أنت..؟؟ وما شأنك..؟؟ قال: لص. قال: وما تصنع بدفاتري..؟؟ قال: أحسب الزكاة التي لم تخرجها من ست سنوات وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصاريفها.. فكاد الرجل يجن من العجب وقال له: ويلك ما خبّرك..؟؟ هل أنت مجنون..؟؟ فخبّره خبره كله فلما سمعه التاجر ورأى ضبط حسابه.. ذهب إلى زوجته فكلمها.. وكان له بنت ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زوّجتك بنتي وجعلتك كاتبا وحاسبا عندي.. وأسكنتك أنت وأمك في داري ثم جعلتك شريكي..؟؟ قال أقبل.. وأصبح الصباح فدعا المأذون بالشهود وعقد العقد
</B>
</B></I>




يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-05-2011, 05:10 PM   #10
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10916 فى 3630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة-2-

http://www.youtube.com/watch?v=1d_9z_8cPAs

يوتيوب الشيخ علي الطنطاوي في آخر لحظات حياته رحمه الله رحمة واسعة ورزقه الفردوس الأعلى من الجنة
يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:45 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه