العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-09-2007, 09:04 PM   #1
عضو نشيط
 
تم شكره :  شكر 44 فى 29 موضوع
ابو ناجم is an unknown quantity at this point

 

مقال ابو ناجم

[glow=990000]بسم الله الرحمن الرحيم[/glow]


مقالات - هل الدين والديمقراطية متعارضان أم متوافقان؟ (2-2) التكافؤ بين المواطنين في الحقوق والواجبات - صادق جواد سليمان
في مفهومها الشرح، الشوري أعرض إطار للتشاور بين الناس في أمر عام، وأداة للتوصل إلي قرار ترتضيه الأكثرية. في هذا المفهوم، الشوري تفرض إشراك جميع البالغين من أفراد المجتمع ــ ذكورا وإناثا ــ في عملية التشاور، ويكون واجبا إجراؤها وملزما ما تتمخض عنه. بذلك تعني الشوري المشاركة العامة في صنع القرار العام بآلية الانتخاب الحر. كما أنها تعني التكافؤ بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
المفهوم الأول يناسب المتفردين بالحكم، ملوكا كانوا، أمراء، أو رؤساء متشبهين بملوك، ويناسب الرهط المستفيد من هؤلاء عن طريق قرابة أو تقرب. واضح طبعا أن هذا المفهوم للشوري متعارض مع المفهوم الديمقراطي للحكم والحياة، وعند من يتبني الشوري بهذا المفهوم الضيق، تغدو الديمقراطية متعارضة مع الإسلام. المفهوم الآخر يتلاقي مع المفهوم الديمقراطي للحكم والحياة، وعند من يتبني الشوري بهذا المفهوم الشرح، تغدو الديمقراطية متوافقة مع الإسلام. بالمفهوم الشرح، يمكن أن يُنظر للمبدأ الديمقراطي والمبدأ الشوري كصنوين، مع فارق أن قدر لأحدهما أن يجد وفاء وتفعيلا متطورا لدي أهله، وقدر للآخر أن يجد جحودا وإعراضا لدي أهله، وبذلك تبلور الأول في مؤسساته وآلياته واعتياد الناس عليه، وتعطل الآخر فانطمس في الذاكرة بمرور زمن طويل. إشكالية وضع المرأة بدورها تنشأ من تنازع بين منظورين. الأول يري المرأة تكوينيا دون الرجل في سائر القدرات، العقلية منها والجسمية، وبذلك يفسر تخلفها عن الرجل في مختلف المجتمعات عبر التاريخ. الآخر يعزو تخلف المرأة ليس لنقص تكويني، وإنما لأجحاف شديد جري في حقها في مختلف المجتمعات عبر العصور. علي المنظور الأول تُبني الحجة: لأن المرأة تكوينيا دون الرجل، إذن لا يكون لها وضع متساو مع الرجل في سائر الحقوق والحريات السياسية والمدنية. علي المنظور الآخر يُبني العكس: المساواة بين الجنسين علي الإطلاق.
في المنظور الأول تُبرر قوامة الرجل علي المرأة كأمر مستديم باعتبار أن القوامة معلولة بعلة تكوينية في المرأة لا تُستصلح ولا تزول. في المنظور الآخر تُفسر القوامة كأمر أملته ظروف ماض غابر، وما عادت تبرره ظروف هذا العصر. بتكافؤ فرص التعليم والعمل، وهي ما لم تكن متاحة لها من قبل، أثبتت المرأة في عصرنا جدارة متكافئة مع الرجل في جميع مجالات النشاط الإنساني، الفكرية منها والعملية بسواء. لكن هذا لا يقنع أصحاب المنظور الأول، المصرين علي وجود نقص في المرأة مستديم.
لمن يتبني المنظور الأول باعتبار أنه المنظور المؤصل في الإسلام، يبدو الإسلام متعارضا مع الديمقراطية التي لا تميز بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية والمدنية، ولا تُعلي وضع أيهما علي وضع الآخر في إطار حقوق الإنسان وأمام القانون. لمن يتبني المنظور المضاد علي أن الأصل في الإسلام المساواة بين الجنسين، أن ولاية الأمر وظيفة متبادلة بينهما، وأن الأكرم منهما عند الله هو الأتقي بصرف النظر عن جنسه، يبدو الإسلام متوافقا مع الديمقراطية. المنظور الأول يناسب من الذكور من لا يجد قيمته في نفسه فيبحث عنها في استغلال الجنس الآخر وإخضاعه. المنظور الآخر يناسب من لا يريد من الجنسين استغلال الآخر ولا فرض هيمنة عليه.
مع أن المجتمعات العربية قد سنت بالاقتباس من خبرات أمم هذا العصر قوانين وضعية في معظم نشاطات الحياة المعاصرة ــ كما في التجارة والاقتصاد والصرافة والتأمين والتعليم والمرور والنقل والسياحة والخدمة المدنية وغير ذلك ــ إلا أنها في الغالب ما تزال تقف بتحفظ عند هذه الإشكاليات الثلاثة: هي تتحفط علي أيداع السيادة في الأمة، لذا لا تشترط لشرعية الحكم قيامه علي الانتخاب الحر، هي تتحفط علي المفهوم الشرح للشوري، لذا لا تصر علي المشاركة العامة في صنع القرار العام، وهي تتحفط علي مساواة المرأة بالرجل، لذا تفارق بينهما في الحقوق، حاجبة عن المرأة العربية حقوقا أضحت متاحة لسائر نساء هذا العصر. هذه الإشكاليات، التي لم تعد مثارة لدي أهل أي دين آخر علي غرار ما هي مثارة لدي المسلمين، هي ما تثير التساؤل حول تواؤم الإسلام والديمقراطية. ذلك أن التحول من منظور ديني إلي منظور ديمقراطي في ما يتصل بتقنين هذه القضايا الحياتية ــ دون أمور الآخرة ــ لمّا يتحصل في المجتمع المسلم علي غرار ما تحصل لدي الآخرين.

التوافق يعلو علي التعارض
الديمقراطية علمانية بطبيعتها، مع أن العلمانية لا تكون ديمقراطية في جميع الأحوال، بل قد ينشأ منها ما هو مناقض للديمقراطية بشكل حاد. علي أن في الديمقراطية نفَِس حضاري تتشاركه الأديان. بقدر ما يتنشط في أيما دين هذا النفس الحضاري يغدو ذلك الدين أرحب استيعابا للنهج الديمقراطي وأكثر تثمينا لمعطياته الحضارية. في المقابل، ليست الديمقراطية ضد الدين، إنما هي غير مستمدة منه، غير متقيدة به، وليست قائمة عليه. هي بذلك تستوعب الدين والعلمانية معا، وتحملهما علي التعايش، بل وعلي التثاقف والتعاون، خدمة للصالح العام. من وجه آخر، كأمر مبدئي، الديمقراطية ترعي الدين، تحمي حرية المعتقد، وتصون حق المتدينين في ممارسة شعائر ما لهم من دين. لكن الديمقراطية في المجتمع المسلم كثيرا ما تفهم ــ كما تفهم العلمانية ــ علي أنها نقيض الدين.
من نظري في الأديان أجد الإسلام أقربها روحا إلي الفكر الديمقراطي. إنه ليس فقط أقر الشوري وأمر بها في تصريف الأمر المشترك بين الناس، بل أكد جميع المحاور الخُلُقية التي يدين بها الفكر الديمقراطي. إنني أجده أرهف الأديان حسا وأوكدها حثا علي اللازم الخُلقي (the moral imperative) كمقوم للخبرة الإنسانية علي صعيد الفرد والمجتمع بسواء. من ذلك إخباره عن الشوري كأمر مطلوب وجوبا في مجتمع المؤمنين. من ذلك تأكيده حرية المعتقد ورفضه للإكراه. من ذلك أمره بالعدل والإحسان والمعروف من قول وعمل، ونهيه عن الفحشاء والمنكر والبغي. من ذلك تأصيله لكرامة الإنسان وإقراره المساواة بين الناس، راداً التمييز بين الناس بحسب أو نسب أو مال إلي حال جاهلي. من ذلك منعه العدوان، تحريمه الغش والغدر، وحثه علي التعاون والتسابق في الخيرات. من ذلك إلزامه كل إنسان بإنصاف الإنسان الآخر، أيا كان الاخر وأيا كان دينه، عرقه، وسائر خصوصياته. بذلك وأكثر لا أري فارقا يذكر بين المحتوي الديمقراطي والمحتوي الشوري من حيث المبدأ، وأجد مجالا خصبا للبناء علي توافق الاثنين.

ابو ناجم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:05 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه