هلال رمضان الحائر

[وراءالكواليس]

هلال رمضان الحائر بين الرؤية البصرية والحساب العلمي الفلكي


د. عبدالحميد الأنصاري*



بالرغم من التقدم العلمي المتسارع الذي مكن البشرية من الوصول الي الحلول المناسبة في العديد من المشكلات المعيشية والبيئية وتحديات الطبيعة، إلا ان المسلمين وعلي امتداد السنين الطويلة ودخولهم الألفية الثالثة، لم يستطيعوا ان يتفقوا علي ميعاد يوحد بدء صيامهم وفِطرهم، ومع تمتعهم بمنجزات العلم وانغماسهم في مظاهر الحضارة الحديثة وأخذهم بالوسائل العلمية في العديد من جوانب حياتهم ومجتمعاتهم إلا انهم - حتي الآن - لم يستفيدوا من التطور العلمي المتحقق في ميادين علوم الفضاء والفلك للوصول الي حل مناسب لمشكلة هلال رمضان الحائر كل عام.



يقبل هلال الشهر الفضيل كل عام ويرحل وهو في حيرة من اختلافنا في استقباله وايضا في توديعه، يا له من هلال كريم حار فينا وحيرناه ومع ذلك فهوضيف سمح لا يضيق بنا، يرحل ليأتينا من جديد.



التقاويم الفلكية، ومنها تقويم أم القري، تشترط للقول بولادة الهلال وثبوت دخول الشهر الجديد شرطين:



1- حصول الاقتران بين الشمس والقمر، اي وقوع القمر بين الأرض والشمس تماما، إذ يضيء الشمس نصف القمر المواجه لها، في حين يكون النصف المواجه للأرض مظلما تماما فلا نراه.



2- ان يغيب القمر بعد غروب الشمس ولو بدقيقة. وقد تحقق الشرطان في هلال هذا العام، اذ ولد في الساعة (51.3) عصر السبت (25/10)، وغرُب في الساعة (02.5) بعد غروب الشمس بـ (4) دقائق فقط - حسب منطقة الخليج - وكان عمره، ساعة و(11) دقيقة، طبقا لتصريح الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني، رئيس قسم الفلك بالنادي العلمي القطري - الوطن 25/10 - نحن إذن أمام حالة، الولادة متيقنة ولكن الرؤية متعذرة حتي بالمراصد، لقلة مُكث الهلال في أفق الغروب، ومن المعروف انه لم يُر هلال بالعين المجردة، يقل مكثه عن (22) دقيقة، كما لم يشاهد هلال بالعين المجردة يقل عمره عن (15) ساعة و(24) دقيقة، ولا عن اقل من (12) ساعة و(42) دقيقة بالمنظار، ولا عن أقل من (12) ساعة و(7) دقائق بالمرقب، تبعا للدكتور وهيب الناصر عميد العلوم بجامعة البحرين ونائب رئيس الجمعية الفلكية - الشرق الأوسط 29/10 - .



فالهلال ولد، ولكننا لم نره، فما الحل؟



اختلف المسلمون في تحديد بدء صيامهم علي (3) ايام متوالية:



1- دول صامت (الأحد) اعتمادا علي ثبوت مولد الهلال فلكيا (السبت(.



2- دول صامت (الإثنين) إما اعتمادا علي تكملة شهر شعبان او لرؤية الهلال في كثير من الدول العربية حيث مكث بعد غروب شمس الاحد لمدة (45) دقيقة.



3- دول صامت (الثلاثاء) حيث رأوا الهلال غروب الاثنين لمكثه ساعة و(31) دقيقة، وهي بعض الدول الاسلامية شرق ايران، طبقا للفلكي عادل حسن - القبس 29/10.



وقد تكرر مثل هذا الاختلاف سابقا، ففي رمضان 1419 هـ، بدأ المسلمون صيامهم في (3) ايام مختلفة - ايضا - وفي عيد الفطر 1420هـ، فطر المسلمون في (4) ايام مختلفة، مما دعا الباحث د. أيمن سعيد كردي - أستاذ علم الفلك بجامعة الملك سعود - القيام بدراسة للمقارنة بين الرصد الفعلي (التبليغ بالرؤية) مع الحساب الفلكي علي مدي (22) عاما في الفترة 1400 هـ - 1422 هـ وانتهي الي:



1- تطابق الحساب مع الرؤية في (14) مرة من حيث وجود الهلال.



2- تطابق الحساب مع الرؤية في (24) مرة من حيث عدم وجود الهلال.



3- لم يتطابق الحساب مع الرؤية في (18) مرة حيث تم التبليغ بالرؤية مع عدمه فلكيا.



4- لم يتطابق الحساب مع الرؤية في مرتين حيث وجد الهلال فلكيا ولم يتم التبليغ. وخلص الي ان نسبة التطابق بين الحساب الفلكي والرؤية (67%) - الشرق الأوسط 29/10.



والذي أريد أن أصل اليه بعد هذا العرض، طرح التساؤلات الآنية:



أولا: اذا أكد الحساب الفلكي ولادة الهلال، وتعذرت الرؤية اما لقصر مكثه في الأفق او لوجود السحب او لعدم صفاء الأفق للتلوث الجوي واضاءة المدن (علما بأنه لا توجد دولة جوها صاف دون أبخرة وأغبرة الماء والهباء او غير ذلك).. ألا يكفي هذا التأكيد للقول بدخول الشهر الجديد شرعا؟



ثانيا: أَمر الرسول صلي الله عليه وسلم للمسلمين برؤية الهلال هل هو وسيلة لتحقيق هدف وغاية - هي تحقيق دخول الشهر - أم أن رؤية الهلال والتطلع اليه، أمر تعبدي لا بد منه؟



ثالثا: ألا يشير الأمر برؤية الهلال بالعين المجردة الي انها الوسيلة المتاحة والممكنة للناس في زمنه صلي الله عليه وسلم، وانه لو وجدت وسائل أخري صالحة، - مثل المتوافرة حاليا - لأمر بها الرسول واعتبرها من ضمن الوسائل الشرعية المعتمدة؟



رابعا: ألا يشير الأمر بإكمال عدة الشهر حيث تعذرت الرؤية لوجود السحب، الي قبول الشريعة بأية وسيلة تحقق الهدف باعتبارها من شرع الله، ومن ثم يزول هذا الانفصام المزعج بين الرؤية الفلكية والرؤية الشرعية، وكأن الشريعة مناقضة للعلم؟



خامسا: ألا يفيد قول الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه إنا أمَّة أمية لا تكتب ولا تحسب تعليلا مناسبا لاتخاذ الرؤية البصرية وسيلة للتثبت من دخول الشهر (كمرحلة مؤقتة) كان العرب عليها كما يقول الشيخ الغزالي ومن ثم انتهت وأصبحت الأمة تكتب وتحسب وخاصة بعد نزول القرآن الكريم فهل تبقي الأمية صفة ملازمة لها؟ وألا يفيد ذلك بأنه لا حرج علي الأمة التي تجاوزت مرحلة الأمية ان تعتمد الحساب الفلكي وسيلة شرعية؟



وبعد: قد لا يكون اختلاف المسلمين المزمن حول هلال رمضان الحائر، أمرا بالغ القلق، بمقدار اظهارنا لهذا الدين العظيم، دين العلم والمدنية والتقدم، بمظهر الرافض لمنجزات العلم إما لظن مخالفتها الشريعة الخالدة او التشكيك في مصداقيتها.



واخيرا لا أجد خيرا من أقوال الشيخ الغزالي - رحمه الله - في هذا الموضوع:



أليس عجيبا ان تكلف امة ببناء إيمانها علي دراسة الكون، ومع ذلك تحيا محجوبة عن الكون ونواميسه وأسراره وقواه؟



لماذا يغوص غيرنا في الماء، ويسبح في الفضاء، ونحن ننظر مشدوهين؟



لماذا يملك الالحاد الكهرباء والذرة ولا نملك نحن الا الهراوات؟ نهدد بها من يعترض أهواءنا!!



ولا أزال انظر بضيق وأسف لقوم يروون (نحن أمة امية) ليفهموا منه، ان الأمية صفة امتنا الي آخر الدهر. فهم يرفضون الحساب الفلكي وينكرون القواعد الرياضية التي قام عليها ارسال المركبات الفضائية وأمكن بها النزول علي القمر..! ثم ينظرون إليك بتبجح قائلين: أتنكر السنة؟ - تراثنا الفكري -.


ومعذرة يا هلال رمضان فقد أزعجناك!



عميد كلية الشريعة والقانون - جامعة قطر

[ابو عبد العزيز]

ثانيا: أَمر الرسول صلي الله عليه وسلم للمسلمين برؤية الهلال هل هو وسيلة لتحقيق هدف وغاية - هي تحقيق دخول الشهر - أم أن رؤية الهلال والتطلع اليه، أمر تعبدي لا بد منه؟

اخي العزيز لقد راه عبد الله الخضيري يوم السبت وصام يوم الاحد ولم يؤخذ بقوله لانه تعذر عليه توضيح الكروكي لهلال لان الجو معتم شوي عليه لهذا السبب لم يؤخذ برؤيته ام في مصر فغياب الشمس عندهم بوقت طويل عنا يعني تغاب الشمس عندهم بعدنا ولهذا السبب شافوا الهلال واضح وبعدين الحديث واضح قول رسول الله (ص) صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته وان غم عليكم فاتموا الشهر 30 يوم.

وشكرا لك على هذا المضوع القيم

[تركي الحنو]

انا مع الدكتور فيما قاله بخصوص تسخير التقنيات الحديثة لرؤية الهلال
فهذا امر لابد منه وسيكون واقعا لامحاله مستقبلا ...
فقط ننتظر زوال الضباب الذي يغطي عقول جهابذة التراث
شكرا لكم

[السلمان]

في عدد الإربعاء 24 رمضان في جريدة الرياض قرأت التالي :
قام مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بزيارة الى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية امس الاول، حيث التقى سماحته بمعالي رئيس المدينة الدكتور صالح بن عبدالرحمن العذل والمسئولين في المدينة وفي ثنايا الموضوع كتب :

---------------------------------------------------------
ثم علق سماحة المفتي على عملية الحساب الفلكي واشار الى ان علماء السلف لم يأخذوا بالحسابات الفلكية متقيدين بذلك بالرؤية لانها اشياء محسوسة وملزمين بتطبيق ما امر به الرسول صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته..).
وفي مداخلة لنائب الرئيس لدعم البحث العلمي الدكتور عبدالله بن احمد الرشيد طرح فيها انه اصبح لدينا علماء في الفلك يقومون بالدراسات والحسابات بشكل علمي دقيق وتساءل سعادة النائب اذا ثبت لهؤلاء العلماء بما لا يدع مجالاً للشك عدم امكانية رؤية الهلال خاصة وانه اثبت علمياً انه يغيب قبل غياب الشمس هل نقبل برؤيا من شهد برؤيته بعد غيابها؟
فأجاب المفتي مؤكداً بأهمية الاقتداء بسنة النبي وهي الميزان والقدوة قال تعالى (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) وهذا حكم قطعي فمتى ما تقدم رجل مشهود له بالامانة وبالصلاح والعقل وفيه من يزكيه من المسلمين نصوم وصومنا صحيح باذن الله.
وفي رد على تساؤل عن استخدام الرادارات عبر استخدام الاقمار الصناعية لرؤية الهلال وتتبع القمر اجاب سماحة المفتي وقال يسروا ولا تعسروا والامر يسير ولم نكلف ببحث يشق على المسلمين مبيناً ان هناك من زاد على ذلك بان ارسل طائرة لاستخدامها عن طريق الاقمار الصناعية لرؤية الهلال، وامرنا في الاسلام سهل ويسير امرنا بأمر سهل ان رأينا الهلال نصوم و ان لم نره لسنا ملزمين ولا مكلفين والامر اذا بني على اجتهاد فالانسان معذور حتى ولو اخطأ.

ا.هـ حديثه
-----------------------------------------------------

كلام جميل من سماحة المفتي حفظه الله
خصوصاً فيما يتعلق التيسير على المسلمين
كل الشكر لك اخي وراء الكواليس على الموضوع

تحياتي للجميع ,,,

[وراءالكواليس]

isz .. تركي الحنو ....السلمان
اشكر لكم تعليقكم ومروركم على المشاركه