عضو جديد
|
رد: ▐▐▐ ابْنُ قَيّمُ العَصْرْ ▐▐▐ ,
كتبه ومؤلفاته :
لقد كانت مؤلفاته تتسم بقوة المضمون و التأصيل و جودة العرض و جزالة العبارة حتى إن من يقرأ له يظن أن المؤلف من العلماء المتقدمين و لاغرابة في هذا إذا علمنا أنه من المولعين بكتبهم و مؤلفاتهم و السير على منهجهم - رحمه الله -
* وقال الشيخ محمد بن عثيمين : واصفا كتاب حلية طالب العلم- ما معناه : أن هذا الكتاب شبيه بكتاب مقامات الحريري في الترتيب و الجودة و إذا قرأته فكأنما تقرأ مقامات الحريري " .
و قال -في الثلث الأخير من شرح الكتاب- حينما أوصى الشيخ بعض الطلبة بمراجعة بعض الألفاظ في الكتاب لدقة بعضها و لغور معانيها و خفائها : " أن كتب الشيخ بكر إذا أردت قرائئتها لابد أن يكون معك كتاب القاموس ! "
يقول الشيخ عادل آل موسى :
كما أن مؤلفاته – رحمه الله - تعيد في نفس المؤمن العزة الإسلامية .. و البراءة من المشركين و الكافرين و ما يردنا منهم .. فكانت ذا طابع إسلامي عزيز تخلو من الإنهزامية و الركون للشرك و أهله حتى في دقائق الأمور .. فتجده كثيرا ما ينبه في حواشي كتبه ومؤلفاته على كلمات وافدة و أو مولدة و معربة وكان ينفر منها و يستبدلها بما في قاموسنا العربي مما يغني عنها و لقد كان في هذا المجال فريدا في مؤلفاته لم أجد له نظيرا فمثلا :
- كان يكتب بعد التاريخ الهجري في مؤلفاته الرمز بحرف الهاء للدلالة على التاريخ الهجري ليفرق بينه وبين الميلادي ثم عاد وترك ذلك في آخر حياته .. لأننا متبعون للتاريخ الهجري ولا مدخل للتأريخ الميلادي في تأريخنا فلا معنى لوضع رمز للتفريق بين التأريخين ...
- و أيضا كان يكتب في مؤلفاته كلمة "بقلم" تواضعا فكأنها أنزل من كلمة "تأليف" و اقتداء ببعض من يشار إليه في عصره كما ذكر ذلك .. ثم رجع عنها في آخر مؤلفاته
لأنها مولدة وافدة و يستخدمها كتاب الغرب .. ويستخدمونها للرمز إلى أن الإسم مستعار .. فتركها الشيخ لأجل ذلك "ينظر كتاب حراسة الفضيلة ص 12" .
فلله درة كان يعيش بنفس عزيزة يبثها للقراء في ثنايا كتبه ..
- و ايضا في كتابه "المدخل المفصل" في مبحث "الكتب المنتقدة" استنقد على بعض المشائخ المعاصرين حينما هذب أحد كتب الحنابلة و سلخ أحكام الرق من الكتاب بحجة عدم الحاجة لها في هذا العصر .. فانتقده الشيخ لأجل ذلك وقال هذا فيه من الإنهزامية و ترك الفأل بالنصر .. فالرق سببه الكفر و يكون بالجهاد الذي هو ماض إلى قيام الساعة فلا يحذف أو يترك وننساق نحو مشاعر اليأس من النصر ..
- وايضا في كتابه "السبحة ص109" نزه المسلم عن حملها للتسلي بها و ذلك لما فيه من مشابهة للكفار و تكثير لسواد المبتدعة .. وذلك حينما استقرا انها في الأصل وافدة من استخدام أهل الكفر و الشرك ..
- و كان لا يرى كتابة حرف " الدال" قبل الاسم تعبيراً عن درجة العالمية العالية على أن يُكتفى بوصف مهنة حامل الشهادة بلسان عربي مبين (كما بين ذلك في كتابه "تغريب الألقاب العلمية")
هذا الذي يحضرني من مؤلفاته للتمثيل مما جاء عفو الخاطر .. ولو فتشتها لوجدت أضعاف أضعاف ذلك ..
* كما أن مؤلفاته تمتاز بكثرة المراجع و وفرتها مما لا يخطر على البال و العزو فيها فيه من الدقة و الشمول ما لا يوصف .. و يندر أن تجد له نظيرا من المعاصرين ..
و سبب ذلك أن الشيخ كان صاحب قراءة منذ صغره وكان –فيما ذكر لي- يفهرس جميع ما يقرأ و يدون فوائده بأرقام الصفحات و يخرجها يرتبها على حسب الموضوعات .. فإذا أراد الكتابة عن مسألة ما .. فتش في فهارسه و وجد مواضع ما يريد الكتابة عنه في الفهارس التي أعدها ..
و لقد ذكر في مقدمة كتابة "معجم المناهي اللفظية" أنه لم يكن يخطر له أن يخرج هذا المؤلف على شكل المعجم .. لكنه لما رأى ما اجتمع لديه من كم كثير من الألفاظ المنهي عنها و ذلك بمراجعها كل كلمة معها عزوها .. فكر في إخراج الكتاب ..
وهذه الطريقة نافعة لطلبة العلم و مفيدة جدا لمن انتهجها في قرائته ..
* و مما تمتاز به كتب الشيخ اهتمامه بكتب المتقدمين و عنايته لها .. و من خلال نظرة استقرائية لكتبه –رحمه الله- فإن أكثر المعاصرين الذين كان الشيخ بكر يعزو لهم في ثنايا كتبه هو : الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- فكان الشيخ كثيرا ما يعزو لكتبه و يجله .. ولقد كان بين الشيخين مراسلات و علاقة أخوية طيبة –رحمهما الله-
* وله العشرات من المؤلفات التي سارت بذكرها الركبان وانتشرت في الأفاق والبلدان : حلية طالب العلم , التعالم , ابن قيّم الجوزية , تعريب الألقاب العلمية , حراسة الفضيلة وو ... إلخ من القائمة الطويلة , إن طالعتها وأمعنت النظر فيها شبهته على ابن حجر العسقلاني – رحمه الله - في كثرة مؤلفاته مع جودة وإتقان , وربما لم ترتاب بمشابهته للنووي – رحمه الله - حيث بارك المولى في عمره فهو في المنتصف بين الستين والسبعين ومع ذلك فقد فاقت مؤلفاته وبحوثه سني حياته , بل قل: إن أسلوبه وسبك نظامه شابه سلفنا الصالح – عليهم رضوان الله – فهو بقيّة منهم , كتابة محكمة وأسلوب رزين .
[ عبد الله بن عبد العزيز الحميدة ]
* و مؤلفاته تجد فيها مشابهة بكتب الإمام ابن القيم خصوصا –رحمه الله- من حيث الأسلوب وطريقة العرض و سبك العبارة .. بل أني وجدت في عدة مواضع أن الشيخ بكر يحاكي ابن القيم في عبارته و في ترتيبه المنطقي للموضوع في عدة مواضع .. ولا أدري هل هذا بقصد أو لا ..؟ فإن الشيخ بكر مولع بشيخه ابن القيم ولاغرو في هذا إذا عرفنا أن الشيخ بكر-رحمه الله- قد كتب في سيرة بن القيم و موارده في كتبه و نبذة عن حياته ومؤلفاته وطبعاتها .. كما وضع تقريبا دقيقا فريدا من نوعه في في علوم ابن القيم ..
بل إنه خصص رسالتيه الماجستير و الدكتوراه بسائل تتعلق بذلك الإمام ..؟!؟
فعنوان رسالة الماجستير "الحدود و التعزيرات عند الإمام ابن القيم" .
و الدكتوراة بعنوان "أحكام الجناية على النفس و ما دونها عند الإمام ابن القيم" .
"وقد كان لهذا الأخير حفاوة خاصة (أي : الإمام ابن القيم ), وقديماً قيل : "رب أخٍ لك لم تلده أمك", ولا أظن بكراً كان أخاً لابن القيم فحسب , بل كان ابناً باراً له, حيث قرّب للناس كتبه عبر كتابه"التقريب لعلوم ابن القيم", وكشف لهم عن شخصيته, وحياته, وآثاره, وموارده, وذلك عبر كتابه الحافل"ابن قيم الجوزية: حياته, آثاره, موارده", وقد ظهرت آثار شخصية ابن القيم في شخص الشيخ رحمهما الله تعالى, ولا أبالغ إذا قلت: إنهما قرينان, في ظهور الحجة, وقوة البيان"
[ من مقال الشيخ د.يوسف القاسم - موقع الإسلام اليوم ]
* كما أن مؤلفاته تتصف بكونها قوية العبارة و رفيعة الأسلوب و رائعة البيان و الدلالة على نحو يندر أن تجد من يشابهه فيه من أقرانه ومعاصريه .. ولقد ذكر في كتابه الحافل " التعالم ص83 –ضمن المجموعة العلمية " : أنه تأثر في ذلك بكتابات الشيخ أحمد بن محمد شاكر و الشيخ محمد الخضر حسين و الشيخ مجمد البشير الإبراهيمي –رحمهم الله- وذلك لما يتميز به أسلوبهم البياني الفريد و ايضا تأثر في ذلك بشيخه العلامة محمد الأمين الشنقيطي حينما لازمه نحو عشر سنين .
- كان رحمه الله تعالى يمتاز بإبداع بياني فريد من نوعه، وكأنك تقرأ للعلامة الجزائري البشير الإبراهيمي رحمه الله، فإذا غاص في العبارات وكأنك أمام قاموس مفتوح، وإذا استرسل في الأسانيد وكأنك أمام حفاظ السنة وخدمة الحديث، وإذا سرد المسائل بالشواهد والأدلة قلت : كأنك أمام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى"
[ من مقال للشيخ : عبدالفتاح حمداش - ميراث السنة ]
* لقد رحل رحمه الله, فترك فراغاً كبيراً في العالم الإسلامي عموماً, وفي المكتبة الإسلامية خصوصا, حيث كانت مصنفاته عملاً رائعاً, وأنموذجاً فريداً, حازت على إعجاب كبار العلماء قبل صغارهم, فتطلعوا إليها, وتسابقوا إلى اقتنائها ... كانت مؤلفاته نهراً متدفقاً, يغترف منه أهل العلم, وينهل منه أهل الحق والإيمان, أما أهل الباطل, فقد ضاقوا بكتبه ذرعاً, وشرقوا بها زمناً- ولا زالوا- على اختلاف مشاربهم.
فكتابه " هجر المبتدع ", و" تحريف النصوص من مأخذ أهل الأهواء في الاستدلال "
شرق بها دعاة الأهواء, والبدع.
وكتابه " تصنيف الناس بين الظن واليقين ", و" براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة "
شرق بها دعاة التصنيف, والتبديع.
وكتابه " الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان " و " المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها " و " حراسة الفضيلة "
شرق بها دعاة التقريب, والتغريب...الخ.
وكما اهتم رحمه الله بتنقية أهل الإسلام من كل داء ينخر في معتقدهم, وعبادتهم, وقيمهم, وثوابتهم, فقد حرص أشد الحرص على تحلية أهل الإسلام بالأخلاق الفاضلة, والآداب الكريمة, بدأ بكتابه : " حلية طالب العلم ", ومروراً بكتابه " فتوى جامعة في آداب العزاء الشرعية ", ووصولاً إلى كتابه : " أدب الهاتف ", وكأن شأن أخلاق العامة والخاصة جزء لا يتجزأ من أحاسيسه, وهمومه, وهكذا كان قَدَرُه رحمه الله!
وكما اهتم بقضايا العقيدة والسلوك, فقد اعتنى أيضاً بقضايا الفكر, ولهذا أصدر كتابه القيم " حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية " والذي عالج فيه قضايا الأحزاب والجماعات الإسلامية معالجة راقية, وعلى ضوء الكتاب والسنة, وفهم سلف الأمة.
وفي مجال الفقه والتفقه لم ينأ عن واقع زمانه, أو ينسج خارج حدوده, بل كان يتلمس واقعهم, فيتناول بعلمه وقلمه كثيراً من الموضوعات النازلة التي تمس واقع المسلمين, وتتحسس حياتهم اليومية, ولهذا أصدر كتباً ورسائل عدة حول هذه النوازل الفقهية, ومنها"بطاقة الائتمان: حقيقتها البنكية التجارية وأحكامها الشرعية ", و"المرابحة للآمر بالشراء ", و " طرق الإنجاب في الطب الحديث وحكمها الشرعي ", و " أجهزة الانعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والأطباء ", و"حكم إثبات أول الشهر القمري وتوحيد الرؤية " , و " خطاب الضمان " , كما اهتم بفقه الحنابلة, ومصطلحاتهم, فألف كتابه الماتع : " المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل " كما كان حفياً بالعلماء عموماً, وبالحنابلة خصوصاً, فألف دليلاً معلمياً لعلمائهم, رتبه حسب التسلسل الزمني من عصر الإمام أحمد إلى عصرنا الحاضر, وقد سماه:" علماء الحنابلة ", كما أعطى علم الحديث ورجاله قسطاً وافراً من العناية والاهتمام, فألف-على سبيل المثال لا الحصر-كتابه الفذ:"التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل ", ولم تقف همته عند هذا الحد, بل ألف أيضاً في علم النسب, فألف كتابه الموسوم بـ " طبقات النسابين ", هذه إلماحة سريعة لنزر يسير من مؤلفات هذا العالم الهمام, ناهيك عن كتبه الأخرى التي لم تر النور, ونأمل أن تراه قريباً, باذن الله تعالى .
[ د يوسف القاسم ]
* ومن الأشياء التي تميز بها الشيخ: رعايته للعمل العلمي الجماعي من خلال إصدار آثار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشنقيطي.
مشاريع العمر عند الشيخ بكر أبو زيد: ومع هذا العطاء المتدفق والمتنوع، إلا أن للشيخ مشاريعَ بذل نفسه ووفّر جهده وحياته لها؛ ومما أمكن الوقوف عليه -مما نص الشيخ عليه - مشروع: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)، طبع منه الجزء الأول ، فقد قال عنه: " أما بعد: فهذا كتاب أُراه من (مشاريع العُمر) سميته: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)" ا.هـ. [التأصيل، ص7] "
[ اقتباس من مقال للشيخ :عبدالعزيز الحمد – نشر في موقع الألوكة]
.
|