العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-01-2004, 11:28 PM   #1
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية عنقود
 
تم شكره :  شكر 293 فى 130 موضوع
عنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enough

 

الضوابط الشرعية عند حلول الفتن

عباد الله أمة الإسلام إن الأمة تعيش وقتاً فيه من الفتن شيء عظيم وجواً من التوتر والقلاقل عسير ، ولكن من نعمة الله أن هيأ لهذه الأمة هذا الدين القويم وهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلموهذا القرآن العظيم فالتمسك بما جاء في الشرع المطهر من أخبار والتأمل في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلملمعرفة كيف واجه النبي صلى الله عليه وسلمما لقيه من محن وفتن ، والتأمل في حال الصحابة وكيف تعاملوا مع الفتن العظيمة التي حلت بهم رضي الله عنهم وأرضاهم فكانت أعظم فتنة تعرضوا لها فتنة الردة التي لم يمر على تاريخ المسلمين مثلها فقد ارتدت العرب كلها حتى لم يبق من المسلمين إلا من في المدينة ومن حولها ، ونجم النفاق وظهر المنافقون وتربص أعداء الدين بالدين وأهله ، ولكنهم رضي الله عنهم وفقهم الله وسددهم وقضوا على هذه الفتنة العظيمة وغيرها من الفتن التي تلتها في عصرهم كفتنة الخروج على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومن ثم مقتله ثم ما حصل من نزاع بين الصحابة أنفسهم ثم استقرار الأمر لمعاوية رضي الله عنه وأرضاه ثم استمرت الأمة في فتن عظيمة إلى يومنا هذا.ونحن اليوم نعيش فتناً عصيبة فلابد لنا كمسلمين -وبيدنا النور والهدى ولدينا ماض مجيد وحضارة عمرها أكثر من ألف وأربعمائة عام- أن نتلمس الحلول والمخارج كي نهتدي إلى بر الأمان و كيف لا نهتدي؟ وكيف لانخرج من هذه المآزق التي حلت بنا؟ ولهذا سوف يكون حديثنا عن الضوابط الشرعية عند حلول الفتن ويمكن أن نجملها فيما يلي :
الضابط الأول : ما هي الفتنة ؟ كثير من الناس يظن أن الفتنة هي الفتنة بالشهوات والنساء والملذات ، وهذا مفهوم قاصر ، لأنه قد يقع في الفتنة وهو لا يشعر ، ويضل وهو لا يشعر لما استقر عنده من مفهوم خاطئ عن الفتنة ، الفتنة يا عبد الله : أنواع كثيرة وأعظمها وهي التي جاء النص بها صريحاً في كتاب الله عزوجل ، الصد عن الدين والانحراف عنه وإضلال الناس بأنواع من الضلال التي تصدهم عن التمسك بالدين والتضييق عليهم حتى لا يعبدوا الله وأعظمها الشرك والوقوع فيه هو أعظم فتنة يقع فيها الرجل ، فهي أعظم من سفك الدماء واستباحة الأعراض وهدم الديار ، فالله جل وعلا يقول : ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله ، والفتنة أكبر من القتل ، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا .. ) ، وسبب نزول هذه الآية أن المشركين عيروا رسول الله والمسلمين بأنهم قتلوا بعض المشركين في الأشهر الحرم وهم فعلوا ذلك ظناً منهم أنهم ليسوا في شهر حرام فأنزل الله هذه الآيات قال ابن اسحاق :"فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم :(يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله أكبر عندالله والفتنة أكبر من القتل ) أي : إن كنتم قتلتم في الشهرالحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قَتْلِ من قتلتم منهم ،(والفتنة أكبر من القتل ) أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل "أ.هـ ، وقال سبحانه :( والفتنة أشد من القتل ) قال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس:" أي الشرك أشد من القتل "أ.هـ، والفتنة تطلق على غيرما ذكرنا من القضايا كالقتل والنفاق والعذاب في الدنيا والإثم ونحوها من الإطلاقات ، ولكن الذي يجب أن نؤكد عليه أن المجتمع قد يقع في الفتنة الكبرى وهي البعد عن الدين والصد عنه والوقوع في الشرك وأنواع من الكفر وهو لا يهتم لها وتقع فتن أصغر منها فيهتم لها وهذا أمر خطير وعدم معرفة بأصول الشرع المطهر .
الضابط الثاني : الكلام في الفتن بعلم وعدل :
أولاً: العلم : العلم بما يحصل على وجه ليس مبناه على التوقعات أو كلام الجرائد والمجلات أو المجالس والقيل والقال بل يكون مصدره الثقات الأثبات أو يكون هو الذي سمع وشاهد وعاصر وناظر أو حصل له هذا الأمر ، وكم من أناس يحسبون على العلم والدعوة تكلموا بغير علم ولا بصيرة فندموا واتهموا أناس لا ناقة لهم ولا جمل ووقعوا في أعراض أناس أطهار لا يجوز التعرض لهم ، والله سبحانه يقول ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) ومن جوانب العلم التي لا بد منها العلم بمراد الله وشرع الله في هذه القضايا فإنك تسمع بين الفينة والأخرى من يتكلم في بعض وسائل الإعلام باسم الدعوة والعلم وكلامه لا يعدوا أن يكون كلام صحفي فاشل أو مرتزق بائس فلا يليق في مثل هذه الأوقات أن نتكلم بهذه البساطة والسطحية وقلة الفقه والعلم ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .
وأما الأمر الثاني فهو العدل: وبالعدل قامت السموات والأرض والله حكم عدل وحرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما وهو يحب القسط والمقسطين ، قال سبحانه :( وإذا قلتم فاعدلوا ) ويقول سبحانه :( ولا يجرمنكم شنآن على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) والله سبحانه قال لنبيه : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم ) فالله أمر نبيه أن يعدل بين الطوائف كلها ، فيجب العدل مع كل أحد حتى الكافر في ظل شريعة محمد صلى الله عليه وسلملايظلم ويعطى حقه ، فكيف بالمسلمين ولو أخطأوا ووقع منهم ما وقع فيجب العدل معهم في الأقوال والأفعال والمواقف ، والعدل في وضع خطئهم في نصابه المحتمل وأن لا يحمل خطأ أي مسلم فوق ما يحتمل ، وأن يجتنب الظلم ولا يجوز أن يتهم أنسان بما ليس فيه سواء ً من عامة الناس أو من علمائهم ، وكذلك أوجه نصيحة لأخواني الغيورين من طلاب العلم وغيرهم أن نعدل في تقييمنا للأشخاص والدعوات وعلى رأسهم العلماء ، أفكلما زل عالم زلة أو أخطأ داعية خطأ قمنا عليه ولم نرع له حقاً ولا ذمة ووصمناه بقلة العلم ، بل وصل بعضهم إلى إطلاق الفسق على من قدم حياته في نصر الدين والذب عن شريعة رب العالمين ، فالله الله ياطلاب العلم اعلموا أن العدل ما حل في دعوة ولا في بلد إلا نزلت رحمة الله وألف بين القلوب ، وصدق ابن القيم إذ يقول : " واساس الشر في العالم الظلم والجهل "
الضابط الثالث : التأني وعدم العجلة :
فالتأني سمة أهل العلم وأهل الحق والله ذكر صفة العجلة في مقام الذم إلا في الإقبال والمسارعة إلى الخيرات والأعمال الصالحة ، فذكر صفة عن الإنسان فقال ( وكان الإنسان عجولاً) ،وقال سبحانه ( وخلق الإنسان من عجل ) ففي وقت الفتن تتغير المواقف وتتغير الأحوال فهذا يهزم وهذا ينتصر وهذا يتظاهر بالخير وذلك يكشر عن أنيابه ولكن من صبر وتأنى ونظر بعين البصيرة ولم يتعجل لم يندم ، ومن جوانب التأني عدم إصدار وتبني المواقف قبل تبين الحال وقبل معرفة الحكم الشرعي في النازلة والتريث لا يضر المسلم ولكن العجلة هي التي تضره .
الضابط الرابع : عدم مقابلة الغلو بالغلو ولا التفريط بالتفريط :
يتحدث الناس عن الغلو والإرهاب في أوقات الفتن، والغلو مذموم في شرعنا ، ولكن ماهو الغلو ؟أهو التمسك بالسنة؟ أو إنكار المنكرات؟ فهذا ليس بغلو ، نعم هناك مظاهر للغلوا لا تنكر ولكن هل يكون علاجها بالغلوا ، فكم سمعنا من ظهر في الإعلام وأطلق الفسق والكفر على كل من خالفه في الرأي ، بل اتهموا من سعى في الإصلاح وبادر لتهدئة الأوضاع بالتطرف وتعرضوا لنيته وقصده، أليسو ا هؤلاء أحق بأن يوصفوا بالغلو والإرهاب والتطرف ، إن الإرهاب والتطرف والغلو المذموم هو الذي لايسمح لأي شخص أن يبدي وجهة نظره بكل حرية خاصة في النوازل التي يحتمل فيها الاجتهاد ، ولكن هذه سنة ما ظهر التطرف إلا بسبب التفريط أو الإفراط فالله المستعان وعليه التكلان.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب
الضابط الخامس : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أوليصمت :
يظن البعض أنه إذا لم يبد موقفاً أو يتكلم أنه يعد منقصةً له أو أنه ليس من أهل الرأي والمشورة والعقل ، وهذا والله يدل على قلة الفقه والعلم والورع ، نعم هناك أمور واضحة لا خلاف فيها والأمة وعلماؤها مطبقون على معرفة حكم الله فيها لصراحة النصوص ووضوحها وعدم وجود الغبش فيها ، ولكن في أوقات الفتن تبقى مسائل مشكلة وأمور تحتاج إلى تأني وعدم الخوض فيها ، فليسع الإنسان ما وسع الصحابة رضي الله عنهم وسلفنا الصالح الذين اعتزلوا في بعض الفتن ولم يشاركوا لا مؤيدين ولا معارضين لتعارض النصوص ولم يظهر لهم وجه الحق في بعض المواقف فآثروا السلامة ولم يدخلوا في ذممهم شيئاً وعملوا بوصية نبيهم الكريم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أوليصمت ) وتذكروا قول الله (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك عنه مسؤولاً ) ، أيها المؤمنون كم سمعنا وكم قرئنا لأناس تكلموا في وقت الفتن بكلام تئط منه الجبال الرواسي وتشيب له مفارق الولدان ، كم من أناس اتهموا شرع الله وقدحوا في سنة المصطفى وطالبوا بتغيير منهج الله في الأرض وعقيدة المسلمين بزعم محاربة الإرهاب كبرت كلمة تخرج من أفوههم إن يقولون إلا كذباً .
الضابط السادس : تعظيم الحرمات التي حرمها الله ورسوله وعلى رأسها حرمة دم المسلم:
فالله سبحانه يقول : ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) والله عزوجل في غير ما آية في كتابه حرم قتل النفس المسلمة بغير حق كما قال جل وعلا : ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وقال سبحانه : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ) ، وجاءت النصوص متواترة في السنة المطهرة بحرمة النفس المسلمة فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال : ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )، وجاء أيضاً : ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) ، وفي الحديث الآخر : (لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار ) ، ولهذا أيها الإخوة في مثل هذه الفتن التي تراق فيها الدماء يجب التثبت وعدم العجلة والرجوع إلى أهل العلم الراسخين في العلم وعدم الأخذ بظواهر بعض النصوص ، فإذ لم يتورع المسلم في دم المسلم ففيم يكون الورع ، وقد تقدم أن السلف اعتزلوا الفتن حتى لا يصيبوا دماً حراماً.
الضابط السابع : الحرص على التشاور وأخذ بالنصيحة والسماع من أهل العلم والعقل: وعدم التفرد بالرأي خاصة في أمور الأمة العظام فإن من أخص صفات المؤمنين كما قال الله جل وعلا : (وأمرهم شورى بينهم ) والنبي صلى الله عليه وسلمالمؤيد بالوحي يقول الله له آمراً( وشاروهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلميكثر من مشاورة أصحابه بل حتى نسائه فانظر كيف قبل مشورة زوجته أم سلمة ذات العقل الراجح يوم أن صده المشركون لما أراد الطواف بالبيت ، والمشورة وأخذ الآراء تدل على رجاحة العقل والتواضع والورع وهذه الصفات إذا اجتمعت في شخص فإنه بإذن الله موفق في كلامه ومواقفه وما يبثه بين المسلمين في المجالس أو في وسائل الإعلام .

الضابط الثامن : الحرص على جمع الكلمة وألفة المسلمين وعدم تفرقهم :
ولو أدى ذلك إلى التنازل عن بعض الحقوق والحظوظ الشخصية الفردية فمصلحة الأمة وجمع كلمتها وقوتها أما أعدائها مقدمة على المصالح بل والمظالم الشخصية ، والله سبحانه وجه هذه الأمة للحفاظ على هذا الأصل الأصيل فقال : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذكنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ) قال ابن كثير: " وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار وغيره : أن هذه الآية نزلت في شأن الأوس والخزرج ، وذلك أن رجلاً من اليهود مرَّ بملاءٍ من الأوس والخزرج فساءه ماهم عليه من الاتفاق والألفة (وهذا والله يسوء كل منافق وكافر إلى قيام الساعة أن يتكاتف المسلمون ويكونوا يداً واحدة والله المستعان) قال فساءه ما هم عليه من الاتفاق والألفة ، فبعث رجلاً معه وأمره أن يجلس بينهم ويذكرهم ما كان من حروبهم يوم بُعاث وتلك الحروب ، ففعل ، فلم يزل هذا دأبه حتى حميت نفوس القوم وغضب بعضهم على بعض وتثاوروا ، ونادوا بشعارهم وطلبوا أسلحتهم ، وتواعدوا إلى الحرة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلمفأتاهم فجعل يسكنهم ويقول أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ وتلا عليهم الآية ، فندموا على ما كان منهم ، وتعانقوا وألقوا السلاح "أ.هـ
وبين سبحانه أن التفرق والتشرذم من صفات الكفار وليس من صفات المؤمنين فقال : ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) ، وبين سبحانه كذلك أن من أعظم عواقب للتفرق تسلط الأعداء وضعف المسلمين وهزيمتهم فقال سبحانه : (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) فجعل من أسباب النصر طاعة الله والرسول ثم جمع الكلمة وعدم التنازع والفرقة ثم الصبر وفي هذا يقول الحافظ ابن كثير : " فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم ، فلايفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا ، وأن يذكروا الله في تلك الحال ولا ينسوه ، بل يستعينوا به ويتكلوا عليه ، ويسألوه النصر على أعدائهم ، وأن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك ، فما أمرهم الله تعالى ائتمروا به وما نهاهم عنه انزجروا ، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضاً فيختلفوا فيكون سبباً لتخاذلهم وفشلهم ( وتذهب ريحكم ) أي : قوتكم وحِدَّتُكم وما كنتم فيه من الإقبال ، ...(لى أن قال رحمه الله ) : وقد كان للصحابة –رضي الله عنهم في باب الشجاعة والإئتمار بأوامر الله ورسوله وامتثال ما أرشدهم إليه مالم يكن لأحد من القرون قبلهم ، ولا يكون لأحد ممن بعدهم ؛ فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وسلموطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقاً وغرباً في المدة اليسيرة مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش الأقاليم ، من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بن آدم ، قهروا الجميع حتى علت كلمة الله ، وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ، في أقل من ثلاثين سنة فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم إنه كريم وهاب "أ.هـ
الضابط التاسع : فهم المقاصد الشرعية من الشرائع والعبادات فهماً صحيحاً :
ونقصد بها أن نفهم الغايات التي شرعت من أجلها العبادات مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً فقد شرع لدفع المفاسد والشرور عن المسلمين في أديانهم وأخلاقهم أو تقليلها ، فإذا كان أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر قد يفوت معروفاً أعظم أو يتسبب في منكر أعظم فإنه في هذه الحالة لا يشرع لك الأمر ولا النهي ،ودليل هذا من كتاب الله عزوجل ، ألم يقل الله سبحانه : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) فسب آلهة الكفار وعيبها قربة ولكن منع منها ونهي لأنها تتسبب في منكر أعظم وهو سب الله سبحانه العظيم الجليل جل وعلا ، ومثال آخر وهو الجهاد في سبيل الله فالغاية منه ذكرها الله في كتابه الكريم فقال جل وعلا : ( وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله ) فالهدف من الجهاد هو تعبيد الناس لله وحده وإخراجهم من عبودية العباد إلى العبودية لرب العباد وإزالة الشرك وكل ما يضاد هذا الهدف ، قال ابن جرير الطبري : "فقاتلوهم حتى لا يكون شرك ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة ويكون الدين كله لله وحتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره "أ.هـ ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) وقال أيضاً : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني ماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عزوجل ). فإذا لم يكن الدين كله لله وجر القتال ويلات على المسلمين وزاد البلاء ولم يكن الدين كله لله فلا يشرع حينها القتال بل يجب الصبر وكف الأيدي لأن الغاية لم تتحق من الجهادالذي شرع لكي يزيل العوائق حتى يدخل الناس في الدين ويكون شرع الله هو الحاكم والمهيمن ، فإذا تسبب العمل الجهادي عند أصحابه بأن ضيق على الناس في عباداتهم ودعوتهم ولم يكن الدين كله لله هنا نقول لم يحقق مقصود الجهاد فيمنع منه .وكل ما سبق ذكره يؤكد لنا أهمية العلم الشرعي والرسوخ فيه فينبغي على طلاب العلم أن يرجعوا للراسخين في العلم ولا يتعجلوا في إصدار الأحكام فإن الأخذ ببعض النصوص وترك البعض ليس من سمات أهل السنة والجماعة بل من سمات أهل البدع.
الضابط العاشر : المسلمات والأصول الثابتة في شرعنا يجب ترسيخها وتأكيدها لعامة الناس وطلبة العلم :
ففي وقت الفتن يكثر اللغط ويتكلم الجهلة والسفلة وتختلط الأمور فينكر المعروف ويصبح الواجب محرماً والمحرم واجباً ، والأصل الثابت في ديننا إرهاباً وتطرفاً ، فالولاء للمؤمنين والعداء للكافرين إلى قيام الساعة ويبين للناس ذلك وأنه لا يجوز أن يكون في قلوبنا أي محبة لأي كافر، نعم نعدل معهم ونؤدي مالهم من حقوق إن كانوا بيننا بعهد وأمان ولكن لايعني هذا محبتهم ومودتهم فهذا أصل ثابت متقرر كما قال جل وعلا : ( يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاء من الحق ) وغيرها من الآيات الصريحة في هذا الأمر ، وكذلك النصوص الصريحة في نصرة المؤمنين وحماية أعراضهم ودمائهم وأموالهم ، كما قال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمة ولايسلمه ولا يحقره كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) ، وكذلك من الأصول الثابتة أن الجهاد من ديننا وشريعتنا ، وهو ماض إلى يوم القيامة كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلموهو من أعظم القربات كالجهاد في الشيشان وفلسطين وكشمير وغيرها من بقاع العالم التي نكبت واحتلت أرضها وشرد أهلها ولا يجوز لمسلم عالم أو غير عالم أن يشكك في هذه الشعيرة أو يزهد فيها بل لا بد من تربية الأمة عليها وذلك لتربص الأعداء فيها فكيف ننصر وكيف نقف أما أي هجمة لعدو حاقد على أمننا وبلدنا ونحن نرسخ في قلوب أبنائنا محبة العدو والضعف والخور والجبن نعم لابد من بيان الصورة الصحيحة المشروعة للجهاد لا الصور المغلوطة التي عند بعض من قل نصيبهم في العلم ولكن هذا ليس بمبرر أن نصم كل من جاهد في سبيل الله بأنه إرهابي أو متطرف فمن جاهد جهاداً شرعياً أفتى به العلماء فإنه ينبغي أن يشكر و أن يشجع ومن أخطأ فيعاقب على خطئه والله المستعان .


د. ناصر بن يحيى الحنيني

honini48@hotmail.com

التوقيع

يسرني أن تزور مدونتي







أنت الذرا وأنت العطا وأنت يمناك
..................... ..... تعطي وتعطي والعطايا عديده

يا ما سقتني والعطش يَــبّــس شفاك
..................... ..... يا ما كستني من ثياب ٍ جديده

يا ما غـــذتني لو غــدى الجوع يصلاك
.................. ........ يا ما هدتني للدروب الرشيده

أبو بدران



التعديل الأخير تم بواسطة المتوكل على الله ; 11-01-2004 الساعة 01:16 PM.
عنقود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-01-2004, 01:12 PM   #2
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية المتوكل على الله
 
تم شكره :  شكر 4 فى 4 موضوع
المتوكل على الله is an unknown quantity at this point

 

أبو بدران بارك الله فيك

وأشكرك على ذا النقل المبارك

فعلاً كلام جميل متزن ..... وأسأله تعالى أن ينفعنا به وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق .
ومن الأمور التي تدل على جمع الكلمة وتوحيدها ونبذ التعصب والخلاف : ما ذكره الفقهاء في مسألة العدد المطلوب للجمعة أنه ثلاثة وقيل أربعة وقيل أربعين ، فإذا كان الإمام يرى أن العدد المطلوب للجمعة (40 ) شخص والمأمومون ( 10 ) أشخاص ، وفي نظرهم أن الجمعة تجب عليهم فإن الإمام لايخطب بهم بل يجلس ويصلي معهم ويصعد أحدهم المنبر ويخطب بهم ويصلي بهم .

التوقيع
المتوكل على الله غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-01-2004, 10:28 PM   #3
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية عنقود
 
تم شكره :  شكر 293 فى 130 موضوع
عنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enoughعنقود will become famous soon enough

 

اشكر لك مرورك وأعتذر عن التأخير في الرد

عنقود غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:01 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه