خطبة زنقة زنقة!!!وتوضيحها

يمامة الوادي · 20-03-2011, 05:42 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

مرحباً بكم يا سادة يا كرام وسلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركة

خلتي وصحبي، أو قل خلِّي وصاحبي..

زنقة زنقة!

هذه الكلمة العجيبة التي تلقّاها الناس من فم رئيس ليبيا العقيد معمر القذافي ، فصاروا يتناقلونها متضاحكين! وحُقّ لهم أن يضحكوا، ولا تسألوني يا رعاكم الله عن سبب أحقيتهم بالضحك منها! فالمعنى في بطن الناثر!

زنقة زنقة! تَتْبع أخواتٍ لها سِرْن في الناس سريان النار في الهشيم !

أتذكرون كلمة (العلوج) التي كان يكررها الوزير العراقي محمد سعيد الصحّاف أيام صدام حسين!

أتذكرون كلمة (ناقتي يا ناقتي) التي أطلقها الشاعر ناصر الفراعنة!
أتذكرون كلمة (هيِّن هيِّن يا الضبان) التي أطلقها أصحاب طاش ما طاش!

حديثي يا سادة ويا سيدات ليس عن أصحاب هاتيك الكلمات ، فخذوا في الحديث عنها لا عن أصحابها

أعود بالحديث آخذاً بزِمامَه إلى "زنقة زنقة"، فهي حديث الساعة وهي عِلْك هذه الأيام، وهي تحفة الأوان

زنقة زنقة! لغة عربيةٌ فصحى ولكن بتحريك النون بحركة الفتحة لا إسكانها ، تعني الطريق الضيّق بين البنيان، فهي بمعنى الزُّقاق أيضاً، ولكن ليس رنين الزُّقاق كرنين زنقة زنقة! فكما ترون فإن لها عنفواناً وقوةً وصرامة، ربما لخلوِّها من حرف مدٍّ، فقد جعلها هذا تحمل معانيَ الجِدّ وتليق بأسلوب التهديد والوعيد، وشتان شتان! بين خطيبٍ يهدد ويتوعد يقول "وأنا خلفكم زقاًقاً زقاقاً" وبين من يقول "وأنا خلفكم زنقة زنقة"، ففي الأولى تشعر بأنْ ليس وراء الكلمة إلاّ تفنناً في القول ، بينما تشعر مع الثانية بخوفٍ وهلع!

من المعلوم يا سادتي أن الألفاظ في اللغة العربية تختلف في إيقاعها! ولذلك تختلف استخداماتها، ففي الحزن تأتي الكلمات بمدود الياء ، وفي التولّه تأتي الكلمات بمدود الألف..

أستطيع أن أُسمي خطبة القذافي تلك بخطبة "زنقة زنقة"

تُشبه خطبتُه تلك خطبَ أبي محمد الحجاج بن يوسف الثقفي، فقد كانت خطبه يتخللها الوعيد والتهديد، مع الإضحاك وكأنها فصلٌ ماتعٌ من مسرحياتٍ ضاحكة، فمن فِقَر خطب الحجاج الضاحكة قوله لأهل العراق :

" يا أهل العراق.. اني أردت الحج وقد استعملت عليكم ابني محمداً، وما كنتم له بأهل. وأوصيته بخلاف ما أوصى به رسول الله في الانصار. فإنه أوصى أن يُقبل من محسنهم وأن يُتجاوز عن مسيئهم. وأنا أوصيته أن لا يقبل من محسنكم، ولا يتجاوز عن مسيئكم. ألا وإنكم قائلون بعدي مقالة لا يمنعكم إظهارها إلا خوفي. تقولون لا أحسن الله له الصحابة، وإني أعجل لكم الجواب فلا أحسن لكم الخلافة "

أرأيتم مسرحية ضاحكةً كهذه! الكاتب والمخرج والممثل هو الحجاج بمفرده! اقرؤا خطبه ففيها البلاغة والفصاحة، فلقد قيل عنه في زمنه : "ما أطال خطيبٌ إلا ظننتُ أن يخطيء إلا الحجاج والحسن البصري فإنهما كلما أطالا كلما جوّدا"

ونحن اليوم مع العقيد معمر القذافي في خطبته "زنقة زنقة"، رأينا القذافي يحذو حذْو الحجاج في القوة وفي الإضحاك، فمن صُراخٍ بالكلمات النارية وتهديدٍ بالزحف المقدّس ، إلى اتهامِ الثوّار بتناول الحبوب المُسْكِرة! وانتهاءً بالهتافات والإرعاد والزمجرة!

يبدو لي أن القذافي أراد أن يُقلِّد الحجاج ليس في خطبه فحسب، بل حتى في فعله، ولقد قيل "أراد زياد بن أبيه أن يقلد عمر فقتل الناس، وأراد الحجاج أن يقلد زياداً فأهلك الناس" وأنا اليوم أقول "وأراد القذافي أن يقلِّد الحجاج فكَفَر أولاً وأباد الناس ثانياً"، وما كان أبو محمد الحجاج كافراً ..

----------------------------------------------------------

- ومضة -

إن كنتَ في الزَّنَقات اليوم منحدراً

---------------------------------------------خلف الضعاف ففي جوف اللظى زنَقهْ

فازنُق عليهم بما أُوتيتَ ملتهباً

--------------------------------------------- فعند ربك ما يُرديك يا يرقهْ

بورك الجَمُّ الغفير

كتبها أحمدالحربي الساحة العربية الحرة