شرح أذكار الصباح والمساء وفضلها ( 20 )
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شرح أذكار الصباح والمساء وفضلها
( اللهم إني أسألك علماً نافعاً , ورزقاً طيباً , وعملاً متقبلاً ) ( إذا أصبح ) رواه ابن ماجه .
من يتأمل هذا الدعاء العظيم يجد أن الأتيان به بعد صلاة الصبح في غاية المناسبه , لأن الصبح هو بداية اليوم ومفتتحه , والمسلم ليس له مطمع في يومه إلا تحصيل هذه الأهداف العظيمه : وهي العلم النافع , والرزق الطيب , والعمل المتقبل , وكأنه في أفتتاحه ليومه بذكر هذه الأمور الثلاثه دون غيرها يحدد أهدافه في يومه التي يعزم على القيام بها في يومه ,
وليس المسلم في إتيانه بهذا الدعاء في مفتتح يومه يقصد تحديد أهدافه فحسب , بل هويتضرع إلى ربه بأن يمن عليه بتحصيل هذه الأهداف النبيله , إذ لاحول له ولا قوه , ولا قدره
عنده على جلب نفع أو دفع ضر إلا بإذن ربه سبحانه فهو إليه يلجأ وبه يستعين .
وتأمل كيف بدأ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء بسؤال الله العلم النافع قبل سؤاله الرزق الطيب والعمل المتقبل , إشارةإلى العلم النافع به يستطيع المرء أن يميز بين العمل الصالح وغير
الصالح , ويستطيع أن يميز بين الرزق الطيب وغير الطيب , ومن لم يكن على علم , فإن الأمورقد تختلط عليه , فيقوم بالعمل يحسبه صالحاً نافعاً , وهو ليس كذلك , والله تعالى يقول : " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون أنهم يحسنون صنعاً " سورة الكهف 103/104 .
وقد يكتسب رزقاً ومالاً ويظنه طيباً مفيداً , وهو في حقيقته خبيث وضار , وليس للإنسان سبيل إلى التمييز بين النافع والضار والطيب والخبيث إلا بالعلم النافع .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً : علماً أنتفع به وأنفع غيري ,ففيه دلالة على أن العلم نوعان :
علم نافع وعلم ليس نافع .
وأعظم العلم النافع هو : ماينال به المسلم القرب من ربه , وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم(اللهم أنفعني بما علمتني , وعلمني ماينفعني , وزدني علماً ) 0 رواه الترمذي .
ورزقاً طيباً : أي حلالاً , وفي هذا إشارة إلى أن الرزق نوعان : طيب وخبيث , والله تعالى طيب لايقبل إلا طيباً , وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :
" يأيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحاً " 0 سورة المؤمنون .
فأكل الطيب يعين على العمل الصالح .
ومن كانت طعمته حلالاً وفقت جوارحه للطاعات , ومن كانت طعمته حراماً عصت جوارحه شاء أم أبى , علم أم لم يعلم ,
قال الإمام أحمد : إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل : إذا ذكر أسم الله في أوله ، وحمد الله في آخره , وكثرت عليه الأيدي , وكان من حِل .
وعملاً متقبلاً : أي عندك : فتثيبني وتأجرني عليه أجراً حسناً , وفي هذا إشارة إلى أنه ليس كل عمل يتقرب العبد به إلى الله يكون متقبلاً , بل المتقبل من العمل هو الصالح فقط , والصالح ماكان لله وحده وعلى هدي وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
ينظر فقه الأدعيه والأذكار للبدر 3/43 , شرح حصن المسلم لمجدي أحمد ص 152 .
م/ن