تبدأ بسيطة ثم تدخل صاحبها في متاهات ككرة ثلج كلما تدحرجت كبرت
القروض والسلف.. اكتئاب يفقد المرء طعم الحياة ويكدر صفو العائلة التي ترزح تحت الدين!!
الأقساط تؤثر على دخل الأسرة
من الأشياء التي بدأت في الظهور في السنوات الخمس الأخيرة وبدأت تلاحظ من قبل الكثيرين وكذلك بدأت ألاحظها مؤخرا في العيادات، بل حتى ان بعض المرضى الذين في ضائقة مالية وعليهم ديون وأقساط بدأوا يدخلون الأقسام النفسية للتنويم هذا الحدث يحصل منذ بضع سنوات.. تنامى الأشخاص الذي يأتون إلى العيادات النفسية بسبب مشاكل مالية، خاصة الديون واحتمال اقساط لا يستطيعون الوفاء بها إلا بأن يعيش هو وعائلته حياة قاسية جداً..!! قد تصل إلى الحد الذي لا يستطيعون اطعام أطفالهم غذاء جيداً.
في البداية قد يتساءل الشخص ما الذي دعا مثل هؤلاء الأشخاص إلى الدخول في دوامة الديون والقروض؟ وهذا سؤال منطقي للاشخاص المتعلمين والذين يعرفون كيف يصرفون أمورهم المالية، لكن الكثير من الناس معلوماتهم في الاقتصاد وإدارة شؤونهم المالية ساذجة..!! لا يعرفون بالضبط كيف يديرون حياتهم، خاصة إذا كانت مرتباتهم ضئيلة ولديهم عائلة، وهم بحاجة إلى مصاريف للأكل والشرب، ودفع إيجار منزل وفواتير ماء وكهرباء، وربما بعضهم فواتير هاتف «كثير منهم لا يملكون أجهزة هاتف...!».
هؤلاء البسطاء، يسمعون من زملاء، أو من مندوبي البنوك أو الشركات التي تعمل بالتقسيط عن تحسين الشخص لوضعه المادي. ويكون شرح المندوب لهذا الموظف البسيط - قد يكون جنديا بسيطا أو موظفا بسيطا - بصورة لا تفهم جيدا من هذا الموظف، ويسر جدا هذا الموظف البسيط بأن هناك من يحاول ان يساعده على حياة أفضل، فربما كان المشروع المعروض عليه شراء سيارة له، لتوفير قيمة المواصلات، فيفرح هذا الموظف البسيط على التسهيلات التي يعرضها مندوب الشركة أو البنك، وتتم الاجراءات بسهولة إذا كان موظفا، فما على الموظف سوى تحويل المرتب إلى البنك ويقترض بمبلغ جيد، يفرح به في أول بضعة أشهر، ثم تبدأ دوامة الحاجة التي تصبح أكثر فيلجأ إلى الاقتراض من الاشخاص وليس البنوك، وهناك أشخاص في كثير من المؤسسات الحكومية يقومون ببيع سيارات للمعسرين بالتقسيط ويعطونهم مبلغا نقديا ولك حتى يكون الأمر مطابقا للشرعية الإسلامية، وفجأة يصبح الموظف البسيط عليه تسديد قرض البنك الذي يخصم تلقائياً من المرتب، ويصبح مدينا لزميله في العمل الذي باعه السيارة بالتقسيط ونقده مالاً نقداً مقابل بيعها لشخص آخر، وتصل نسب بعض هؤلاء الأشخاص الذين يبيعون السيارات لزملائهم في العمل إلى 13٪. يجد هذا الموظف البسيط بأن ما تبقى من مرتبه لا يكفي لشراء الخبز فقط..! ولديّ أمثلة لأشخاص يتبقى من مرتباهم مائة وخمسون ريالاً فقط بعد أن يقوموا بتسديد القروض والأقساط للبنوك.. المشكلة بأن هذا الأمر ليس محدوداً بل انه يكاد يكون منتشراً بأشكال مختلفة ولكن لب الأمر هو القروض.
هذا الشخص الذي يبقى له من مرتبه مائة وخمسون ريالاً كيف يستطيع التصرف إذا كان لديه عائلة لا تقل عن خمسة أشخاص..؟؟.
عندئذ يبدأ في القلق على كيف يتدبر مصروفات الأبناء وأجرة المنزل واطعام أهل المنزل.. بعد ذلك يتحول القلق إلى غضب على الوضع الذي وضع نفسه به..!! يبدأ في التأخير على الزميل الذي أقرضه قيمة السيارة لأن البنك يأخذ قرضه من المرتب مباشرة، يبدأ بعد ذلك الشجار مع الزوجة والأطفال، ويبدأ في اخراج غضبه في عنف تجاه الزوجة التي كثيرا ما تكون الضحية الأولى للعنف بعد ذلك يأتي الأطفال الذين ما أن يطلب منهم أحد أي شيء حتى يواجه بركلة أو صفعة على الوجه، فيبدأ المنزل بالتحول إلى مكان يسوده العنف والغضب.. بعد ذلك يأتي دور الكآبة، فالرجل يشعر بأنه في ورطة كبيرة ولا يستطيع ان يفعل شيئاً لهذا الأمر، الأطفال جوعى والأقساط لا ترحم، وهو لا يستطيع النوم، ولا يستطيع التركيز، ومزاجه عصبي دوماً، يفكر في كيف الخروج من دوامة الأقساط والديون التي لا يوجد لها حل؟؟ اعلم ان أكثر المواطنين السعوديين عليهم قروض من البنوك أو شركات السيارات، ولكن هناك فرق بين شخص، يعرف كيف ينظم أمور حياته المالية وشخص ساذج لا يعرف كيف يدبر أمور حياته المالية ليقع فريسة في الفقر والحاجة.. بعضهم لا تستطيع ان تتعاطف معهم، فهم تحملوا الديون لزواج من امرأة أخرى بينما زوجته ليس بها ما يعيب ويجد نفسه في نفق مظلم من الديون والأقساط.. وبعضهم يأتي إلى العيادات النفسية كي يحصل على ورقة بأنه مريض نفسي لا يستطيع أن يعمل وبذلك لا يستطيع رد القروض التي حصل عليها من البنك..!!
إن القروض والسلف دوامة صعبة، تبدأ بسيطة ثم تدخل صاحبها في متاهات لا يعلم إلا الله مداها فهي ككرة الثلج كلما تدحرجت كبرت.. وأفضل حل هو ان لا يلجأ الإنسان إلى القروض والاستدانة من البنوك وشركات التقسيط إلا عند الضرورة القصوى وبدراسة جيدة كيف يستطيع أن يرد المبالغ التي اقترضها، وكيف يساعده هذا القرض على تحسين حياته ولا يدخله في دوامة القلق والكآبة.. يجب ألا يقارن شخص نفسه بالآخرين وما يملكون عن طريق التقسيط فكل شخص حباه الله قدرة على تسيير أمور حياته المالية.. الدين كما يقولون هم بالليل وذل بالنهار واكتئاب يفقد المرء طعم الحياة ويكدر صفو العائلة التي ترزح تحت الدين..!
15-04-2005, 08:03 PM
العرض العادي
