حوار مع ليبراليّة
محمد العبد الكريم 25/3/1426
04/05/2005
قالت: أنا ليبراليّة
قلت: لماذا؟
قالت: وصف جميل، والله يحب الجمال!!
قلت: وماذا تعني لك الليبراليّة؟
قالت : "إتيكيت" "وموضة"، وإلا لو أردت الحقيقة فلا أعرف منها أكثر من حروفها!!
ثم إنها جسر أعبر من خلاله للصحافة والإعلام! والعلاقات! واللقاءات! والحوارات الوطنية، والمؤتمرات الدوليّة! فهو جواز سفري إلى العالم!
قلت: هل تشعرين بالظلم كما يقولون دائماً: المرأة مظلومة وحقوقها مهضومة.
قالت: كنت أعتقد أن المرأة في السعودية مظلومة، ولكن اكتشفت أن معظم الفريق الليبرالي الذين يردّدون حقوق المرأة يريدون حقوقها في حرية "جسدها"، والدليل على ذلك أن الذين يطالبون بحقوق المرأة يركّزون فقط على قضية العمل، ويقترحون آليات تسرع بخروجها لكل الأعمال، والويل لمن يستدرك عليهم بالضوابط.
أما النواحي الاجتماعية التي تعاني منها المرأة كالحرمان من الميراث، والتلاعب بأموالها والقسوة، والضرب، والعنف، والتسلط، والعادات والتقاليد البالية التي تنتقص المرأة وتحتقرها فلا اعتبار بها.
قلت: لكننا دائماً ما نراهم يكثرون الحديث حول القضايا الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والآن يطالبون بحقوقها السياسيّة وحقها في الترشيح والانتخاب..
قالت: نعم، ولكن لعلك تقصد أنهم يجعلون ذلك ستاراً.
قلت: أنا لم أقل ذلك.
قالت: دعني أخبرك.
هؤلاء عندما يكونون بمفردهم، وفي مواقعهم على الإنترنت، وفي مقاهيهم الخاصة يقولون عكس ما يظهرون.
قلت لم أفهم!!
قالت: هم في تلك المواقع لا يرون في المرأة إلا لوحة عارية، يرسمونها جسداً، ولا يرونها عقلاً، يعتبرونها نصف كأس ممتلئ بالجعة.
قلت: أنت لا تعرف ما يدور في مجالسهم.
قالت: أنتم أيها الإسلاميون تحسنون الظن بمعظم الليبراليّين؟
قلت: نحن نحسن الظن بهم!! نحن دوماًً في مواقع التهمة لديكم، متهمون بأننا نسيء الظن بكم، وأننا نضيّق واسعاً، وأننا لا نفهم المرأة ولا تفهمنا، وخطابنا متهم بأنه خطاب مأزوم تجاه قضية المرأة.
وعندما صدرت آخر وثيقة عن المرأة، وقد وقّعها عدد كبير من العلماء وطلاب العلم، تأكّد لديكم أن مشروعنا مشروع نظريّ، وأفكارنا مجرّدة وغير قابلة للتطبيق، وليست مسايرة لروح العصر.
قالت: نعم أنتم لديكم مشكلة، ولكن مشكلتنا أكبر منكم.
مشكلتكم أنكم لا تحسنون طرح مشاريعكم على الرغم من أن الناس تحبّكم وتميل إليكم، وفطرتهم تساعدهم على أن يكونوا في صفكم، أنتم تستهلكون وقتاً في تتبّع ما نقوله عن المرأة وتستخرجون الفتاوى كل يوم لملاحقتنا، ولو أنكم أجهدتم أنفسكم في جعل أفكاركم أفكاراً عملية لاستطعتم أن تفرضوا نموذجاً يجبر الآخرين على السير وراءكم.
إن لكم تجارب ناجحة فرضتم فيها رؤيتكم العلميّة والعمليّة؛ فأصبحتا نموذجاً أجبر أهل النوايا السيئة بالسير خلفكم، تجربتكم اليوم في صيغ التمويل الإسلاميّة حاربت بعض الربا وقلّلت من انتشاره...
أما نحن فكل ما لدينا أننا نكتب لكم مقالاً أو مؤتمراً عن المرأة نشغلكم فيه عن منكراتنا.
ولا شأن لنا بردودكم!!
قلت: ولكن لماذا الإصرار على الليبرالية؟ هل لأنها تشبع شهواتكم؟
قالت: نعم أنا مصرّة إلى أن يستجدّ خطابكم، ويصبح خطاباً يتحدث مع الجميع، ويتعايش مع الناس بمختلف طبقاتهم.
أنتم وضعتم تصوّراً عن المرأة، جعلتم النساء شكلاً واحداً ونموذجاً واحداً، وحكمتم عليهنّ بحكم واحد.
أشغلتم الساحة كل يوم بالمقالات والفتاوى والوثائق، وأعراضنا تنتهك بالمغريات، وتراكم الشهوات.
أنتم لم تُدركوا بعد مكمن النزاع رغم أنكم صادقون وغيورون
تشخيصكم للدّاء لم يتغيّر
نظرتكم عن النساء لم تتغيّر
والزمن من حولكم يتغيّر
فلماذا لا أكون ليبراليّة؟؟