العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-11-2007, 05:25 PM   #1
عضو متميز
 
تم شكره :  شكر 54 فى 39 موضوع
محمدالفاتح is an unknown quantity at this pointمحمدالفاتح is an unknown quantity at this point

 

زهرة قرنفل (قصة واقعية

زهرة قرنفل (قصة واقعية) ـ د. أيمن محمد الجندي


د. أيمن محمد الجندي : بتاريخ 23 - 11 - 2007
إهداء له : " إلى روحه علها تحظى الآن بالسلام "
إهداء إليها " أن تكوني زهرة قرنفل فهذا يعني لغيره أنك رقيقة معطرة . بالنسبة إليه هذا يعني شيئا واحدا : لن ينساك أبدا ."
.................
كان يقود سيارته في طريقه إلى الإسكندرية….
اختلس النظر إلى السيدة الجالسة بجواره ..وخالطه شعور داهم بعدم الارتياح..إنها زوجته وقد تم عقد القران اليوم لكنها لم تزل غريبة عن عالمه . فليسرع ..الطريق يمتد طويلا ، والليل قد اشتد إظلامه ..هو يمقت القيادة ليلا ولطالما حذرته زوجته ألا يقود في ال..
أفلتت آهة من قلبه فتساءلت السيدة الجالسة بجواره عما حدث فلم يرد ..هاهو ذا يعاود التفكير فيها ..ومتى ؟ في ليلة عرسه.
وتشاغل بالتفكير عما يزعم القيام به هذه الليلة ..الذهاب إلى الفندق ذي الخمس نجوم ثم ...
زوجته لم تكن تبالي قط بأعداد النجوم ،وكيف تبالي وهي شمسه وقمره ..؟
سحقا ..لماذا يعاود التفكير فيها ؟ فليسرع ..فليسرع

والتفت إلى السيدة الجالسة جواره محاولا أن يجد مدخلا للحديث دون جدوى.
لم يكن الحديث ينقطع قط مع زوجته ..كان صفحة مفتوحة أمامها ، لكنها لم تكن بحاجة أن تقرأها فقد قرأتها مرارا ..لم تقرأها فحسب وإنما خطت بقلمها الساذج أعذب الأشعار . ألن يكف عن هذا الهذيان؟ ماذا لو أحست المرأة الجالسة جواره بأفكاره تلك؟ أغلب الظن أنها لن تزعم الغضب ، كلاهما غريب عن الآخر ، لم يلتقيا إلا منذ بضعة أيام..وما كان ليتزوجها أبدا لولا المأساة التي عصفت به.
الحب ثوب تغزله الأيادي المحبة، يتدثر به المرء في ليالي الشتاء وخريف العمر ..ثوب يمنحه لك الحب دون مقابل ولكن لا يمكنك ابتياعه بذهب الأرض وكنوز البحار ،لا أحد يخيطه لك ولا متجر تبتاعه منه ،وحينما يتمزق يصبح الإنسان عاريا ولو تدثر بألف ثوب .
زاد من سرعته وراح يرمق ملامحه المتعبة في مرآة السيارة وتساءل أين هذا الكهل الخمسيني من الفتي الجامعي الوسيم – ابن السفير - الذي كان يذرع بسيارته الكاديلاك شوارع القاهرة بلا انقطاع ؟.. وقتها لم يكن يدري ما تخبئه الأيام من شجون ، ولا تصور نفسه عاشقا لزهرة قرنفل ..كان الفتى الثري الوسيم الذي يتنقل بين الورود دون أن تستهويه زهرة بالذات .

وتمر السنون وأخيرا يفعل الشيء الذي لم يتصور أنه سيفعله أبدا : البحث عن زوجة .
أغلب الأسر ترحب به لكن قلبه لم يشعر أبدا بارتياح ، تهمس أخته عن فتاة تشبه زهرة ، تصور وقتها أنها تبالغ ولكن لا بأس من الرؤية.. يتحدد موعد التعارف ، يتبادل حديثا وديا مع شقيقتها الوحيدة في انتظار العروس..تدخل متعثرة في حيائها فيشهق من الدهشة .
وعلى كثرة من عرف من النساء لم يكن قد جرب الحب الصاعق من قبل ..لكنه أدرك أنه لن يخرج من هذا المنزل إلا وهي زوجته ..
أيام البراءة الأولى في الجنة .
يخرج لعمله مشتاقا إليها..ويعود لمنزله عالما فيجدها في أبهى صورة ..شيء ما في تكوين وجهها وصفاء بشرتها يجعل النور يشع من ملامحها ،آية في التهذيب والطاعة ..زهرة قرنفل يفوح عبيرها .. تمر الأيام تلو الأيام وتتسلل شعيرات بيضاء في مفرقيه ، يتحول فتى العشرينات المدلل إلى رجل ناضج ينعم بالحب ودف الأسرة وتدليل الأيام .
وفجأة تموت ..لا يهم سبب الوفاة ، فالنتيجة واحدة في كل الأحوال ..المشكلة أنه لم يصدق أن هذا حدث بالفعل رغم أنه دفنها بيده .

كانت السيارة ترتج من فرط السرعة ..ونظر للمرأة الجالسة جواره وتساءل لماذا لا تتكلم ؟ ..ربما تخشى سرعة سيارته الفائقة فعيناها مسمرتان على مؤشر السرعة دون أن تجرؤ على الاعتراض وقد عقد الرعب لسانها .
أتراها تعتقد أنه ينوي اللحاق بزوجته الحبيبة؟ ..إنها مخطئه فلو كان يفكر في ذلك لما تزوجها ..لا ينكر أنه يتمنى الموت بجماع نفسه..لو كان الموت امرأة لأغواها بالجواهر الثمينة والثناء ..ولو كان طفلا لأغرقه بالحلوى لكنه لن يقتل نفسه قط ..كل ما هنالك أنه سيصلي مبتهلا إلى الله سبحانه أن يعجل بأجله .
واختلس نظرة إليها .
لم تفلح كل المساحيق أن تخفي شحوبها ..واعتصر قلبه الإشفاق عليها ..يعترف أنها ليست من طرازه ..متبهرجة كثيرة المساحيق مصبوغة الشعر لكن هذا ليس ذنبها . وشرع يهدئ من سرعة سيارته ..علي كل حال لقد اقتربت الإسكندرية .
فليطهر ذاته برائحة البحر المشبع بالأعشاب .
فليغسل شقاءه بزبد أبيض قادم من بحار الشمال .
فليخف دموعه في مرارة البحر المالح .
لطالما أمضى معها أجمل الأمسيات..كانت تصغي إلى تكسر الأمواج على الشاطئ وتفهم لغته ولا تبوح بأسراره .هل يذكر مثلا أيام الزواج الأولى ..؟ لم تكن قد أنجبت أطفالا بعد.. كان هو طفلها الوحيد ..طفلها المدلل. أم يذكر مثلا عطلات نهاية الأسبوع التي كانوا يختلسونها رغم أعباء العمل المضنية؟ أم يذكر البحر الذي يمتد إلى آفاق البصر..ذلك البحر الذي كانت تزعم أنه دمعة واحدة في عينيها .
هاهي ذي الإسكندرية..
الإسكندرية التي تشهد بغرامه لها.
ولكن أين هي؟ ماتت..رحلت إلى حيث لا يعود أحد.. أسوأ كوابيسه وجدها حقيقة ماثلة أمامه ..وفي غضون أسبوع واحد كان قد تزوج . كانت مراسم الدفن المشئومة تطارده ..أمضى ثلاث ليالي متعاقبة دون نوم.
في الليلة الرابعة تشاغل بالذهاب إلى إحدى المحال التجارية ليبتاع ربطة عنق سوداء وهناك مازحته البائعة فعرض عليها الزواج فورا. لم يترو للحظة بل خيل إليه أنه يسمع عرض الزواج معها في آن واحد. بالطبع خالته مازحا إلا أنه كان جادا. ولم يتردد أهلها في الموافقة ..
وأطلقت أمها بضعة زغاريد ترددت في أذنيه كالنواح ..
وها هو ذا ينطلق إلى الإسكندرية مصطحبا إياها.
لم يخطر على باله أن تكون عاتبة عليه لزواجه المتعجل.. إنه غريق يتخبط دون أن يدري أن كل ضربة يد تدفعه للقاع .
إنها تفهم وترثى له

توقف أمام مبنى الفندق العريق.
نظر حوله في غرابة ..من هذه المرأة الجالسة جواره؟ وأين زوجته ؟كان هناك زهرة قرنفل فأين ذهبت؟ ..والتفت للمرأة الجالسة جواره وراح يتأملها ..شاحبة أشد الشحوب ، مأخوذة ومصدومة ..الآن يعرف أنها فهمت كل شيء ..أكتسحه الخجل ، ما ذنبها في هذا كله ؟ ..فليكن أنه غريق ويتخبط فلماذا يجذبها معه إلى القاع ؟.. همس بصوت خفيض :
- أنا آسف .
قالت بصوت مشروخ :
- عد بي من فضلك إلى أهلي .
حاول أن يجادلها لكنها قالت في تصميم :
- أرجوك ..الآن فورا .
في صمت أدار مقود السيارة وعاد أدراجه ، كانت يده ترتعش طيلة الطريق ولكنه وصل بسلام ..تركها تهبط أمام منزلها البسيط ووقف يراقبها وهي تصعد الدرج، ثم لم يعد لمنزله وإننا ذهب – وشقاء العالم كله في عينيه- إلى شقيقتها الوحيدة التي كان يمازحها ليلة التعارف ، كان الفجر على الأبواب حينما فتحت الباب بوجه ممتقع ، وبمجرد أن رآها أجهش بالبكاء وقال لها وهو يهتز بجسده الضخم :
- أرجعي لي زوجتي ..
راحت ترمقه في ذهول ثم شاركته البكاء ، في الأيام التالية سيكون عليه استرضاء أهل العروس بأي ثمن – وكان باهظا - لإحساسه العميق أنها ظلمها ..
فيما بعد سيتكرر السيناريو عدة مرات ، زيجات سريعة سيئة وكأنه يتعمد سوء الاختيار ، وفي كل مرة يذهب لشقيقتها باكيا متوسلا أن تعيد له زوجته .
وأخيرا جاء ذلك اليوم الذي تأخر استيقاظه فاقتحم أبناؤه الغرفة . كان المشهد فاجعا وهو مطروح بعرض السرير وقد بردت جثته تماما وتجمعت بركة من الدم المتجلط تحت انفه ، بينما تدلت قدماه من الجانب الآخر..لم تعكس ملامحه فزعا أو ألما وكأنما يرنو – من بعيد – إلى زهرة قرنفل رقيقة ويبتسم .
..............

محمدالفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:14 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه