[align=right]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أُخيّ ، إنها رسالة عتاب لا أكثر - لا أريدك أن تأخذ على خاطرك ، أريدك أن تغير من تصرفاتك.
7
7
7
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشر وعشر دقائق , وكان الخطيب قد فرغ لتوه من مقدمة الخطبة وشرع في لب الحديث , وكان حديثاً يسلب الألباب , كيف لا وهو يعطر أسماعنا بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم , وبينما كنت أبحر بخيالي في أعماق السيرة النبوية أحاول أن أتصور شعاب مكة وأتخيل أزقة المدينة. أتصور الصحابة وهم ينهلون من ذلك المعين العذب , وإذ - فجأة- وبدون مقدمات تأتي ضربة مباغتة من الخلف , وقبل أن ألتفت لأرى ما لخبر, إذ بشخص يقفز من الفراغ الذي يفصلني عن من يجلس بجانبي , ومع أنه فراغ لا يتسع حتى لمرور قط صغير بيننا ، إلا أن صاحبنا لم يجد بأساً في أن يحتفر لنفسه طريقاً بيننا دون استئذان أو اعتذار وكأنه كان يمر بين مجموعة من "المراكي" لا البشر .
ولم يكتفي صاحبنا بما فعل , بل أخذ يتلفت بحثاً عن فراغ فسيح يأخذ فيه راحته , ومع أنه لم يجد ضالته , إلا أنه تقدم على أيه حال وبدأ يخترق صفاً بعد آخر حتى انتهى إلى الصف الأول ليضع "إحدى" قدميه في الصف ثم يطلب من الجلوس أن يفسحوا له .
لقد شعرت بالغضب ساعتها وهممت أن أدعو عليه , لكن جانباً من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم عاد يداعب أذني فكففت وبدأت أتفكر: كم من الناس قد قطع هذا الرجل خشوعهم ؟!
ثم ما ذنب أولئك الذين بكروا إلى الصلاة وحضروا في أول ساعة من ساعات الجمعة وفازوا بالصف الأول ليأتي هذا المتأخر ويقطع عليهم خشوعهم ويضيق عليهم أماكن جلوسهم ؟!
ثم نظرت إلى الخلف لأنني ظننت أن المسجد قد اكتظ بالمصلين وأن هذا لم يجد له مكاناً ورأى في قرارة نفسه أنه طالما اضطر لاختراق بعض الصفوف فلم لا يكمل حتى النهاية , لكنني فوجئت أن هناك عدد من الصفوف في الخلف شاغرة , وكان بإمكانه أن يجلس في أحدها بالطول أو بالعرض إن شاء , فتذكرت ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لأمثاله عندما هم أحدهم باختراق الصفوف وتخطي الرقاب فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( اجلس فقد آذيت و آنيت) أي آذيت المسلمين بتخطيك لرقابهم وتأخرت عن الحضور.
وكم تمنيت لو أن الخطيب فعل الشئ نفسه أو عرّض بالحديث تعريضاً ليفهمه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
نسيت الموقف بسرعة , وبعد أن انتهت الصلاة وأدينا السنة الراتبة خرجت لأجد سيارتي مع مجموعة من السيارات وقد أُغلق عليها من قبل سيارة لم يحضر صاحبها بعد , فقلت في نفسي : كيف لهذا أن يؤذي الناس وهو الذي جاء للصلاة و طالما أنه سيتأخر في الخروج فلمَ لمْ يبعد سيارته كي لا يؤذي أحداً؟ وانتظرنا ، والبعض كان يغلي من الغضب ، وطال الانتظار حتى كاد الجامع يفرغ من المصلين ، وظننا أن صاحب السيارة قد أصابه مكروه أو أنه قد ترك سيارته في ذلك الوضع عامداً ،وبينما كان بعض "المحتجزين" يهم بالعودة للجامع للبحث عن من أغلق عليهم الطريق إذ خرج صاحبنا الذي آذى الناس في المسجد ، ولم تكن مشيته في الشارع تختلف عن مشيته في المسجد فقد ذهب إلى سيارته بكل برود ولم يعتذر لأحد بل أنه لم ينظر إليهم ولا أدري أهو خجل من نفسه أم مكابرة وتأكد لي أنها الثانية إذا أن أحد المحتجزين ألقى عليه كلمة تأنيب عندما رأى بروده العجيب فرد عليه بقوله : "يا أخي الدنيا ما هي طايرة" بدل أن يعتذر .
إنني لا أستغرب من بعض التصرفات السيئة لدى البعض فهذه سنة الله في خلقه ، فالناس لم يخلقوا على قلب رجل واحد ، لكنني أتعجب من التناقضات التي تجتمع في نفس واحدة فأنّى لشخص أن يتأخر عن صلاة الجمعة حتى يدخل الخطيب ثم يحرص بعد ذلك على الجلوس في الصف الأول لدرجة أن يؤذي الآخرين في سبيل ذلك؟ ثم كيف يغلق الطريق على الناس ويحرص بعد ذلك على استكمال الأذكار في المسجد أيعقل أن يحتمل عقل واحد منطقين متناقضين إذ أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وإيذاء الناس منكر فلم لم تنهه صلاته عن إيذاء الناس ؟ أم أن المنكر في منطق هؤلاء له مواصفات خاصة لا نعرفها نحن ؟!..
إنني أقف احتراماً وإعجابا بمن أراهم يسارعون للمسجد فور دخول وقت الصلاة ويبادرون للصف الأول والذي غالباً – وللأسف – ما يكون خالياً إلا من بعض الذين وفقهم الله للتبكير للصلاة.
إنني وإن عتبت على المتأخرين ، إلا أنني أشكر لهم حرصهم على الوقوف بعيداً عن المسجد كي لا يغلقوا على سيارات إخوانهم أو أبواب جيران المسجد.
إنني لا أملك لمن لا يستعجلون في الخروج من المسجد ويبقون لأداء السنة الراتبة إلا أن أقول:"إني أحبكم في الله" .
لكنني وبصراحة ، لا أستطيع أن أفهم من يجمع بين هذه الفضائل وما يناقضها في تعامله مع إخوانه ، ولأخي هذا أقول :تلك هي رسالتي إليك تقبلها بصدر رحب بارك الله فيك.
\_\*><دلعاس><*/_/ [/align]