الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
ينتشر لدى البعض هداهم الله - وخاصة في الدول التي استشرت فيها البدع ، وقل فيها العلم - بعض الاعتقادات الباطلة في شهر صفر وما يتبعها من ممارسات بدعية ليس لها أصل في ديننا. فكان أن وجدت مقالة مفيدة في موقع "طريق الاسلام " ، نقلتها لكم بتصرف وإيجاز لفحواها وتحوي هذه المقالة أربع فقرات موجزة وهي:
= سبب تسمية صفر بهذا الاسم
= ما ورد فيه عند العرب
= ما ظهر فيه من البدع
= الحاديث المكذوبة المتعلقة بشهر صفر
==============================
أولاً: التسمية
شهر صفر هو ثاني الشهور الهجرية ، قال بعضهم : سمي بذلك لإصفار مكة من أهلها ( أي خلوها من أهلها ) إذا سافروا فيه ، وقيل : سموا الشهر صفرا لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفرا من المتاع ( أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له ) .
(لسان العرب لابن منظور ج/4 ص/462-463)
ثانياً:ما ورد فيه عند العرب الجاهليين
كان للعرب في شهر صفر منكران عظيمان : الأول : التلاعب فيه تقديما وتأخيرا ، والثاني : التشاؤم منه .
# من المعلوم أن الله تعالى خلق السنة وعدة شهورها اثنا عشر شهرا ، وقد جعل الله تعالى منها أربعة حرم ، حرم فيها القتال تعظيما لشأنها ، وهذه الأشهر هي : ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم ، ورجب . ومصداق ذلك في كتاب الله قوله تعالى { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ****** [ التوبة : 36 ] . وقد علم المشركون ذلك ، لكنهم كانوا يؤخرون فيها ويقدمون على هواهم ، ومن ذلك : أنهم جعلوا شهر " صفر " بدلا من " المحرم " ! لأنهم يرون في اتصال الأشهر الحرم ضرراً عليهم وهم الذين يعتمدون على الغزو فكان أن قدموا شهر صفر على المحرم كي يغزوا فيه لأنه ليس من الأشهر الحرم!
# أما التشاؤم من شهر صفر فقد كان مشهورا عند أهل الجاهلية ولا زالت بقاياه في بعض هذه الأمة هداهم الله.
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر »
رواه البخاري ( 5387 ) ومسلم ( 2220 ) .
والأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله عز وجل ، فهو كغيره من الأزمنة يقدر فيه الخير والشر .
وبعض الناس إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس والعشرين - مثلا - من صفر أرخ ذلك وقال : انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير ، فهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة ، فهو ليس شهر خير ولا شر ؛ ولهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال : " خيرا إن شاء الله " ، فلا يقال خير ولا شر ، بل هي تنعق كبقية الطيور .
فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة وألا يضعف الملم أمام هذه الأمور .
ثالثا : ما يوجد في هذا الشهر من البدع والاعتقادات الفاسدة
# ظهر عند بعض أهل البدع صلاة يصلونها يوم الأربعاء آخر شهر صفر وقت صلاة الضحى أربع ركعات بتسليمة واحدة يقرؤون فيها آيات بعينها بأعداد محددة أيضاً ويقولون أن هذه الصلاة لدفع البلاء الذي عتقدون أنه ينزل في ذلك اليوم. وقد سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك وكان هذا ردهم:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ، وبعد :
هذه النافلة المذكورة في السؤال لا نعلم لها أصلا من الكتاب ولا من السنة ، ولم يثبت لدينا أن أحدا من سلف هذه الأمة وصالحي خلفها عمل بهذه النافلة ، بل هي بدعة منكرة .
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » وقال : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ».
ومن نسب هذه الصلاة وما ذكر معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد من الصحابة رضي الله عنهم : فقد أعظم الفرية ، وعليه من الله ما يستحق من عقوبة الكذابين .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 354 ) .
ويلحق ذلك جمع ما يفعله الجهال طلباً لدفع الشرور بزعمهم - مثل كتابة آيات معينة في آخر أربعاء من شهر صفر ثم يضعونها في الأواني ويشربون ويتبركون بها ويتهادونها لاعتقادهم أن هذا يذهب الشرور ، وهذا اعتقاد فاسد ، وتشاؤم مذموم ، وابتداع قبيح يجب أن ينكره كل من يراه على فاعله .
رابعاً : ما ورد في الأحاديث المكذوبة في صفر
قال ابن القيم : فصل أحاديث التواريخ المستقبلة :
ومنها : أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا ، مثل قوله : إذا كانت سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت ، وإذا كان شهر كذا وكذا وقع كيت وكيت .
وكقول الكذاب الأشر : إذا انكسف القمر في المحرم : كان الغلاء والقتال وشغل السلطان ، وإذا انكسف في صفر : كان كذا وكذا .
واستمر الكذاب في الشهور كلها .
وأحاديث هذا الباب كلها كذب مفترى .
" المنار المنيف " ( ص 64 ) .
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
==============================