القنص هواية النبلاء,, ومتعة البسطاء, والصقر رفيق كليهما في رحلة القنص.
فالصيد بالصقر هواية أصيلة وتراث عظيم لا يعوض باي هواية أخرى يحب فيه الصقّار صقره حبا لا يجارى.
نبل وإباء وأصالة راسخة في قلوب أبناء هذه الأرض الطيبة, سيناريو بديع يؤدى على مسرح الطبيعة تلك الصحراء الحانية خال من التكلف ابطاله هم من يتمتعون بمشاهدة لقطاته الممتعة, عندما امتطيت زورقي الصغير وابحرت في بحر من القصائد الشامخة والمقطوعات الجميلة مطلقاً العنان لإحساسي بالتمتع ولناظري بالتمعن, قفلت حاملاً دانات من الشعر الجميل والخالي من التكلف لشاعر تأصل حب المقناص في قلبه واحتل حيزاً واسعاً منه امتدت علاقته بالصقر لأكثر من خمس واربعين سنة وسجل في هذه العلاقة اجمل القصائد واروع النوادر وهو الذي لم يتغزل إلا في هذا المحبوب الوحيد إنه الشاعر الكبير بدر بن عواد الحويفي الحربي من اشهر هواة القنص الذين خلدوا رحلاته في روائعهم وبعد طلوع سهيل,, واقتراب موعد رحلة القنص كانت اولى استعداداته لها هذه الرائعة :
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
أنا على المقناص قلبي يرفي = فترة ونرجع يم اهلنا منا كيف
بديار لفروق الحبارى تلفى = جنوب من حزم الجلاميد وطريف
الطير هو غاية غرامي وشفي = اقدره تقدير الاجواد للضيف
من كبر قدره حامله فوق كفي = وارعاه تسع شهور بالقيظ والصيف
ودهله لاشفت ريشه مصفي = على الدعو واخفف النسر تخفيف
نقله يشرفني وشوفه يكفي = عن شوف ناس ما تعرف المعاريف
لاشفت لي نو بروقه ترفي = نويت اجهز موتري للتكاليف
القيظ كله جالس ومتعفي = وبرد المكيف نشف الدم تنشيف
متى سموم القيظ عنا تقفي = وسهيل قبل يعمد الفجر قد شيف
والنار يصلح شبها للتدفي = والبرد نوجس من نسيمه هفاهيف
وقمنا لعزبتنا نشيل ونضفي = ونكمل الناقص ونملا المطاريف
واللي نشيل من اللوازم مكفي = ومكتفين العفش بالحبل تكتيف
ويمكن اليا جينا البقالة نوفي = حاجات نشريها كمالة مصاريف
والصبح من حزم ابرقيه مقفي = صوب المعظم والهضاب المقاييف
بديار جعل اشجارها ما تجفي = تعلها غر المزون المراديف
في رفقة اللي نارهم ما تطفي = على الشرف والجود ربع مواليف
مجلاس طلقين الشوارب يصفي = على الدلال اللي بهن ساخن الكيف
خويهم ما اوجس كلامٍ يحفي = غير المزوح الطيبة والسواليف
عقال وزن عقولهم ما يخفي = ولاهم على الفاضي خفاف وملاقيف
[/poet]
وعندما ينصحه بعض الناس بترك هذه الهواية معللين ذلك بعدم استفادته منها, يتمغض هذا الجواب وهذا الرد المقنع الذي يجبرهم على الإنصات له
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
والله يلولا غايتي ما نقل الطير = ما نقل على كفي خفوق الجناحي
أبي اليا فزّت تقل شعف معصير = واقفت تعقد مع سهالٍ فياحي
[/poet]
الى قوله
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
وجيته يمزّرها على القاع تمزير = يشلق معلق ثديها,, بالجناحي
هذيك والله منوتي,, يالمناعير = ان كان أنا مجنون وان كنت صاحي
وكل برايه له تصرف وتدبير = ولأحدٍ على الدنيا جلس واستراحي
وأرزاق خلق الله وهايب وتقدير = ورزقي على مجري هبوب الرياحي
[/poet]
الى آخر القصيدة
عندما يكون هناك موهبة الى جانب الهواية يظهر الإبداع في ابهى حلله ويتولد الجمال ويتجدد العطاء, في القصيدة التالية يتجسد الجمال في جميع حالاته ويفشي شاعرنا بسره القديم الى محبيه بعد طلبهم منه نبذة من الجمال.
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
ياللي طلبتم نبذةٍ من قصيدي = عن واقع المعقول لا انقص ولا أزيد
أنا غرامي وانبساطي وعيدي = تفريعة القرناس بأرضٍ بها صيد
لا شطب الصيحان روس الزبيدي = والعشب جاله بالمثاني,, عنا قيد
ولابدو مايبدي لهم,, بالشديدي = تسعين ليلة ماحكوا بالمواريد
[/poet]
الى قوله
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
وفيّض على فيحان ريف المعيدي = نبي لنا بشعاف لوقه مطاريد
على أوسوق مقربات البعيدي = من فوقهن يازين مزح الأواليد
لا فرّع النادر وطلعه وكيدي = وحوّل على جوال الحباري تقل حيد
ويسلط على الخرب النشيط العنيدي = حاسه وداسه والحباري ملابيد
يقضي بها الصقار يومٍ جديدي = في ساعةٍ مابه وجيهٍ مقاريد
هذا هوى بالي وهذا رصيدي = سوق النظر بين السهال الجراهيد
لو كان من طرد الولع ما ستفيدي = فتقٍ بقلبي وأعذروا يالأجاويد
[/poet]
والقصيدة طويلة وجميلة وهي بحق من اجمل ما قيل في البر والربيع والقنص.
الصديق في رحلات القنص من الأشياء المهمة والصديق إذا كان ذا همة عالية وإيثار يكون من أسباب نجاح هذه الرحلات والوصول الى اكبر قدر من التمتع بها, شاعر يوجز صفات من يرغب صحبته في هذه المقطوعة البديعة.
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
يامل قلب دق به كل طاري = طواريٍ باقصى الضماير تتله
وشفق على شوف الفضا والبراري = لا صار معه مشببٍ مسند له
خطو أبلج لملاقف الصيد ضاري = جدع الضريبة بالسهم,, عادةٍ له
قرم بوجهه للمروه شواري = رايه سديد وكل درب يدله
ماهو حضيبي مزاجه تجاري = ليا عقدت الراي عود,, يفله
أول نهارك يعجبك ما أنت داري = مار البلا تالي نهارك تمله
أبا امدح الطيب ولاني مداري = واللاش لا خايف ولا حاسب له
الفرق باللي ياصلون المعاري = وإلا الردي شرهات مثلي تزله
أبي خويٍ ضاريٍ بالمساري = ماهو مهينٍ يرقد الليل كله
[/poet]
في كل عام يكون هناك إعلان من الجهات الحكومية المختصة عن بداية موسم الصيد وهو ما يسميه الصقارون برخصة الطير وهم ينتظرون هذا الوقت على أحرّ من الجمر ويتأهبون له يقول شاعرنا عن هذه الرخصة.
[poet font="Simplified Arabic,14,black,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=right use=ex char="" num="0,black"]
متى على الله تبتدي رخصة الطير = وعقب الرباط يصف ريش القرانيس
والمزن بالمنشأ تشوفه مزابير = والبرق تال الليل مثل المقابيس
[/poet]
الى آخر القصيدة الرائعة.
لا يستطيع البيان احتواء جميع صفات الجمال ولكن بشيء من الايجاز ارجو ان اكون قد وفقت في إلقاء الضوء على جانب مهم من شخصية شاعرنا الكبير بدر الحويفي علماً أن قصائد القنص لشاعرنا أكثر بكثير مما أوردت من مقتطفات من هذه المقطوعات البديعة, وشكرا من الأعماق لتراث الجزيرة وللقائمين عليه ودمتم على أحسن حال.
* مقتبس من ديوان بدر الحويفي