بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا بعضنا يستقبل يومه الجديد متحرراً من أخلاقه وسلوكياته وآدابه التي يفرضها المجتمع المسلم الذي نعيش فيه ؟
فشمس الكون تشرق بأشعتها لتصهر بقايا الخمول والكسل اللذيِّن يبعثهما فينا السهر ومتابعة البرامج
والمسلسلات التي هي في حدِّ قولهم شيّقة مثيرة … ولم يعلموا أنها مُشقية تثير نوازع الشر تسوقهم إلى
الذل والخذلان .
والشمس يسبقها المنادي بأعلى صوته يخاطب القلوب المؤمنة والآذان المصغية يدعوهم للفلاح ... حي على الصلاة ... حي على الفلاح …
تخلى عن الأنانية … مسلمٌ مؤمنٌ قلباً ولساناً ، ظاهراً وباطناً ، قولاً وفعلاً ... لم يشأ أن ينفرد بهذا الفضل العميم والثواب الجزيل ... استجاب له مَن استجاب لله جل وعز ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ورنت عيناه للدار الآخرة ... استجاب له رجالُ التُقى والصلاح ( رجال لا تلهيهم تجارةٌ ولابيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ) رجالٌ سلعتهم الجنة غايتهم رضى الله جل وعز ...
رسم القرآن الكريم لهم طريق الفوز والفلاح ... فشدُّوا الرحال وساروا ، مطيتهم طاعة الله جل وعز وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأبى أكثر الناس وخاصة الشباب منهم إلا أن يعرضوا خاضعين للنوم والغفلة ... الشيطان يقودهم للنار يسحّبهم في طريق الخيبة والخسران ويرمي بهم في شَرَك الذل والخزي والندامة ...
( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً ) .
أفرادٌ استقبلوا يومهم بترك واجب وفعل محرّمٍ وقد ودعَّوا سابقه بمثلٍ واعظم ... كل يوم يَسْعَدُ الإنسان برؤية شمس نهاره يجب عليه أن يجدد فيه التوبة ... يتجه لرب العالمين الجواد الكريم التوّاب الرحيم ، يرغب فيما لديه ... فوالذي نفسي بيده إن ما لدى الناس يفنى وينفد ... وخزائن رب العالمين الغني الوهاب ليس يفنيها العطاء والجود ، ( يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )****** ( ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ****** .)
فما أكرم ربنا ! وماأشد إعراض الناس عن أبواب الكرم والعطاء الدائم الخالد الذي لا ينفد والباب الذي لا يوصد .
يا معشر الشباب .. يا معشر الآباء والأبناء :
ألا من نظرة واعية لهذه الدنيا الفانية وملذاتها الزائلة ، لعلكم تنكبَّون طريق الشيطان وتقبلون على ربكم .
ألستم تبحثون عن السعادة والنجاح ؟ ألستم تأملون الخير والفلاح ؟ ألا تأنفون الخزي والعار ؟ وتألمون السيئة والمصاب ؟ أترغبون أن تعيشوا عذاباً مقيماً وانتم لا تطيقون عذاب يومٍ واحد ولا تحتملون ويلاته وحسراته ؟
اقبِلوا على ربكم لتسعدوا في داريكم الدنيا الزائلة والآخرة والجنة الدائمة ، جنة نعيمها لا يفنى وحسنها لا يبلى ، ماؤها غير آسن ، وأشجارها لا تذبل ، ترابها الزعفران وملاطها المسك والعنبر ، شبابها لا يهرم ، ونساؤها لا يئسن ، نعيمٌ بريءٌ من الخلل والنقصان ( إن للمتقين مفازاً ، حدائق وأعناباً ، وكواعب أتراباً ، وكأساً دهاقاً ، لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذّاباً ، جزاءاً من ربك عطاءً حساباً ) .
والله إن الشيطان كما افسد على من قبلكم دنياهم وآخرتهم وعلى أهل الغنى والنعيم نعيمهم فوالله إن النعيم في جناتِ عدن ، فيها مالاعين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، جناتٍ فيها الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون وحسن أولئك رفيقاً .. فسر إليها وأسرع الخُطا .
إخواني وأخواتي في الله :
جدوا فقد سبقتم واستعدوا فقد لحقتم ، وانظروا بماذا من الهوى عُلّقتم ، ولا تغفلوا عمّا له خُلقتم ، وكأنكم بالصادقين قد وصلوا وانقطعتم أوَما قد سمعتم .. ( فريق في الجنة وفريق في السعير)
نحن في هذه الدنيا تتخطّفنا الآمال ، نبحر في نهر التسويف ، نجاهد النفس والهوى والشيطان وقرين السوء .. سلعة الرحمن غالية ، مهرها الإيمان والإسلام وحليها الطاعة والانقياد .
إخواني وأخواتي في الله شباب الأمة :
اعملوا على مهل وكونوا من الله على وجَلْ ، لا تغتروا بطول الأمل ، ونسيان الأجل ، ولا تركنوا إلى الدنيا الفانية فإنها غدّارة ، خدّاعة ، قد تزخرفت بغرورها ، وفتنت بأمانيّها ، وتزيّنت لخُطّابها ، فأصبحت كالعروس الجميلة ، العيون إليها ناظرة ، والقلوب عليها عاكفة ، والنفوس لها عاشقة ، فكم من عاشقٍ لها قتلته ، ومطمئنٍ لها خذلته ، فانظروا إليها بعين الحقيقة ، فإنها دارٌ كثيرٌ بوائقها ، وذمها خالقُها ، جديدها يبلى ، ومُلكها يفنى ، فاستيقظوا رحمكم الله . إن الإسلام العظيم الذي سيطر في فترة من الزمن إنما بلغ ما بلغ بفضل الله أولاً ثم بفضل رجالٍ وشبابٍ نذروا أنفسهم كاملة للدعوة لهذا الدين وتطبيق تعاليمه ابتغاء وجه الله جل وعز ، لا يريدون من أحدٍ جزاءً ولا شكوراً .
شباب الإسلام :
إن أمتكم اليوم تأمل فيكم الكثير ، تأمل فيكم رجالاً ونساءً ترتفع همّتهم إلى همة ابن الوليد وسميّة ... ، رجالاً ونساءً صادقي الوعد ، رجالَ دعوة ، عنوانهم شجاعةٌ ، يربطها حذرٌ ، وطاعةٌ يحفّها وعيٌ ، وعلمٌ يتبعه عمل ، وألمٌ يبعثه واقع المسلمين ، وأمل يُشعُّ برجاء رحمة رب العالمين ، وثقةٌ يعززها قوله تعالى { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي …******. دعوةٌ تريد رجالاً ونساءً طريقهم الإتّباع ، ولباسهم التقوى ، وقدوتهم المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وأوقاتهم في ( بيوتٍ أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه …)
تريد منكم أناس يطيقون قول القائل :
سأثر لكن لربٍ ودين وأمضي على سنتي في يقين
فإمّا إلى النصر فوق الأنام وإمّا إلى الله في الخالدين
ختاماً :
هذه اجتهادات فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله فاستغفروه ومعذرة على الاطالة .
أخوكم / عبدالله بن سليمان الوكيل - - جلاجل
ولكم من ( المكيظم ) تحية عطرة .