الرياض:الثلاثاء 10 شوال 1430هـ - العدد 15072
إنفلونزا الخنازير تكشف واقعنا...
راشد محمد الفوزان
وزير التربية والتعليم سمو الأمير فيصل بن عبدالله صرح خلال تفقده أعمال الدورة التدريبية للمدربين (أطباء وطبيبات الصحة المدرسية) والتي عقدت بالأمس بأنه "عندما اطلعت على أوضاع المدارس شعرت بألم شديد على وضع الصحة المدرسية "وهذا يتم وفق استعدادات المدارس بكل مراحلها التعليمية لبداية العام الدراسي الجديد , لم أستغرب حقيقة " ألم " معالي الوزير أو استغرابه , لأنه غير مطلع على واقع القطاع الصحي بالمملكة وحجم المعاناة له , فلا يمكن أن تجد سريرا لمواطن بسيط يريد إجراء عملية جراحية إلا بعد أشهر إن لم يكن سنوات وهذه ليست مبالغة بقدر هذا واقع حقيقي , ناهيك عن مستوى المستشفيات لدينا فالمستشفيات لدينا ليست كلها التخصصي أو الحرس الوطني فهناك كم هائل تسمى مستشفيات , وهذا ذكرني بأحد مستشفيات الرياض بالجنوب منه في زيارة طارئة لقريب لي اضطر ليذهب له ووجدت قططا بقسم الإسعاف ولا أبالغ فهي شهادة عيني لا غيرها . ولا تسأل عن شكوى تأتي لي من مستشفيات تعاني من ندرة الأسرة والمواعيد ونوعية الأطباء الذي كل يوم نكتشف أنها مزورة أو سباك سابق . القطاع الطبي معالي الوزير لمست من خلاله ما يمس جانب الوزارة وهي الصحة المدرسية , فهل رأيت معالي الوزير ممرض واحد بأي مدرسة ولن أقول طبيب عام ؟ القطاع الطبي معالي الوزير يعاني أشد المعاناة بطول المملكة وعرضها كما هي وزارتكم من مدارس ومناهج نعاني منها الكثير , فهل تتصور معالي الوزير أنني دخلت أحد المدراس المتوسطة ووجدت أن مطبخا قد تحول إلى فصل دراسي ؟ وأن صالة البيت السكني التي هي المدرسة تحول إلى غرفة مدرسين , ولن أحدثك عن دورات المياه أو الفصول أو أماكن ممارسة الرياضة , وأستطيع تسمية المدرسة إن اردتم وغيرها كثير وبطول المملكة وعرضها , ولن نتحدث عن المناهج التي أصبح طالب المتوسط يدرس تفسير القرآن وحفظ الأحاديث بكم هائل , فهل كل طلبتنا سيفسرون القرآن ويحفظون الحديث ؟ ومن يريد التخصص فله ذلك في مراحل متقدمة لا طلاب ابتدائي ومتوسط ومواد دراسية يصل عددها 16 و 17 مادة والنهاية لا حاجة لبلادنا وسوق عملنا لكل هذا . القطاع الطبي والتعليمي معالي الوزير وأنت الآن من نعقد عليه الآمال بعد الله سبحانه وتكليفك من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن تمسك بهذا القطاع التعليمي وتنهض به " بقرارات " لا بمحاباة ومجارات وترضية لأي من كان , نريد إنجازا على مستوى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وأنت من حضر افتتاحها , معاناة هذه البلاد صحيا وتعليما لا حدود لها , فلا إنفاق مالي كاف بهذا القطاع ولا استثمار , لأننا لم نبن قاعدة صلبة من عقود من الزمن وإلا ما وصلنا إلى ما وصلنا له , أصبحت الفصول الدراسية لدينا 40 و 45 طالبا , أصبحت المدارس فللا سكنية وبيوت خاصة يرثى لها , أتمنى معالي الوزير أن تقوم بجولة بالمدارس التي هي واقع التعليم لا من يحدد لك المدارس النموذجية والجديدة فهي ليست الواقع معالي الوزير . زيارتك للمدارس ومشاهدة العين ستشهد ما قد لا تصدقه ولك أن تسمع المعلمين والأداء الذي يقدم , لك أن تسمع لغة الحوار بين المعلم والطالب , لك أن تشاهد المعامل الخاصة بالمواد التطبيقية ماذا لدينا , أن تشاهد تفاصيل واقع مدارسنا وتعليمنا لأنك ستصدم وتتألم كل يوم حين تسمع ما يحدث وتشاهد . لأننا معالي الوزير لم نخطط ولم نضع استراتيجية لعقود من الزمن ولم يكن هناك من يحاسب أو يوقف هذا العبث . والنتيجة خسائر بالمليارات وخسائر قدرات وإمكانيات شبابنا.
الجزيرة:الثلاثاء 10 شوال 1430هـ العدد:13515
المعلم والطالب.. خطوات نحو التقارب!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي
من نافلة القول أن نصف المعلم بأنه: صاحب رسالة سامية، وأنه أمين على أبناء الأمة، فهو يقوم بدور الوالدين في المدرسة. كما أن من نافلة القول أن نؤكد على أن من الأسس والمبادئ التي تقوم عليها العلاقات الإنسانية..بين جميع من يتصلون بالحياة المدرسية، ومن ذلك - علاقة المعلم بالطالب - أن يسود الجو المدرسي احترام كل فرد من أفراد المجموعة، واحترام رأيه ورغباته، حتى يعيش أفراد المجموعة في انسجام تام.ويرى معظم الباحثين التربويين أن العلاقة بين المعلم والطالب ليست على المستوى التي يجب أن تكون عليه، ولا تتفق مع الواقع الذي يعيشه كثير من الطلاب. فهناك فئة من المعلمين تنقصهم المهارات الإنسانية للتعامل مع الطلاب، فلا يستطيعون خلق الجو العام الذي يساعد على تحسين أوضاع العملية التعليمية والتربوية، كما لا يستطيعون الرفع من الروح المعنوية للطلاب. وقد يكون ذلك راجعاً إلى أن كثيراً من المعلمين يمارسون عملهم دون تدريب وتبصير لمهام عملهم، أو أن نوعية الأسلوب الذي يتخذه المعلم في مخاطبة الطالب غير صحيحة، فلا يملك حينئذ مهارات التواصل والقدرة على الحوار مع الطلاب.لا شك أن هناك معطيات تؤكد على أهمية بناء علاقات إيجابية بين المعلم والطالب، تتمثل في تعميق الصلات الودية، والثقة المتبادلة، ورفع الروح المعنوية للطلاب. ومن أهم صور تطوير العلاقة بين المعلم والطالب: مراعاة الظروف الخاصة لكل طالب، وفهم المعلم لمشكلات طلابه وسعيه في إيجاد الحلول لها، والتعامل الطيب من قبل المعلم مع الطلاب، وإشعارهم أنهم بمثابة أبناء له، فيتمثل شخصية الأب الواعي ويتصرف معهم كما يتصرف الأب مع أبنائه، مع ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب. وكلما كان المعلم حريصاً على مصلحة طلابه كانت العلاقات الإنسانية بين الطرفين راقية. وما أجمل قول الإمام ابن جماعة -رحمه الله- حين قال: (إذا غاب بعض الطلبة غياباً زائداً عن العادة سأل عنه معلمه، أو قصد منزله بنفسه. فإن كان مريضاً عاده، وإن كان في حاجة أعانه، وإن كان في غم خفف عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك تودد إليه ودعا له).ومن صور الاهتمام بالعلاقات الإنسانية بين المعلم والطالب: ترسيخ مبدأ الشورى لدى الطلاب، وهو المبدأ الذي أقره ديننا الحنيف، حيث قال الله - تعالى -: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ). وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه - ، أنه قال: (لم يكن أحد أكثر شورى لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم). وتطبيق هذا المبدأ سيرفع الروح المعنوية لدى الطلاب ولا شك، وسينتج لديهم استقلالية التفكير، وحرية الإرادة في اتخاذ القرارات. ثم إن خفض الجناح، وهو هدي قرآني: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)، مع تطبيق سياسة الرفق واللين والرحمة والكلمة الطيبة مع الطلاب، هو سبيل نحو الإصلاح وهداية الجيل وتربية الأبناء، لأنها أكسير العمل الناجح.أيضاً، من أهم الاعتبارات التي يجب أن يأخذها المعلم في حسبانه عند تعامله مع الطالب، هو: فتح أبواب الحوار المنظم، وتنشئة أجيال تؤمن بالحوار، وتقبل بوجهة النظر الأخرى وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وتركز على احترام الآخر وتحترم حقوقه، من أجل بناء فكر معتدل يخدم القضايا الإنسانية المشتركة، وتقرب وجهات النظر، وتوضح المواقف، متجاوزين الوسائل التقليدية، كالتلقين. لاسيما وأن الحوار فريضة، وهو سنة الحياة ومنطق التاريخ، مع التأكيد على أهمية تطوير المناهج وفق نظرة شاملة للمتغيرات الدولية، وتلبية الاحتياجات التنموية.من جانب آخر فإن ضرورة التأكيد على اكتشاف الدافعية لدى الطلاب، وهي الطاقة الكامنة الداخلية لديهم مطلب مهم، من أجل ضمان تحصيل علمي يهيئ الطالب لمواجهة المتغيرات التي تحدث من حوله بطريقة واعية ومسؤولة، عن طريق تقديم الحوافز بناء على العدل والمساواة والكفاءة، لتنمية روح الابتكار والإبداع لدى الطلاب من جهة، وخلق شعور بالأمن والطمأنينة لديهم باستمراريتها من جهة أخرى.أعتقد أن مهارة التعامل مع الطلاب تعتبر فناً من الفنون، وهي أهم سمة لعلاقة ناجحة وصحية بين المعلم والطالب. فبدون القدرة على التعامل الإيجابي مع الطلاب لن ينجح المعلم في تحقيق أهدافه، وستضعف العلاقة بينهما. فالعلاقات الإنسانية تقوم على معرفة قدرات الطالب وطاقاته وحاجاته. والمعلم الناجح هو الذي يستطيع أن ينطلق بطلابه إلى رياض العلاقات الإنسانية بعبير الحب والمودة، فيمرر المواقف بحكمة ويتغلب على المشكلات بحنكة، لأنه يملك زمام المبادرة. فتصفو حينئذ النفوس، وتمتلئ القلوب بالمحبة والمودة، وتشحذ الهمم، وتوقد العزائم. فمن لم يغرز تلك المعاني في نفوس الطلاب، فإن كثيراً مما يقوله المعلم لن يأخذ طريقه إلى القلوب.بقي أن أقول: إن القدوة الحسنة مطلب مهم في تطوير العلاقة بين المعلم والطالب. فالقدوة تتمثل في كل جوانب السلوك - اللفظية والعملية-، كما أنها تتمثل في كل تصرفات المعلم السلوكية مع طلابه. ولذا روى الجاحظ، أن عتبة بن أبي سفيان حينما دفع ولده إلى المعلم، قال له: (ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك. فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت).